[ad_1]
#ثمن_السرية
تُعد الثقة بين قيادة الدولة والشعب حجر الزاوية في بناء أي أمة قوية ومستقرة وعندما تتصدع هذه الثقة تبدأ أركان الدولة في الانهيار وتصبح العلاقة بين الحاكم والمحكوم قائمة على الشك والريبة بدلاً من التعاون والتكاتف.
إن أحد أبرز العوامل التي تؤدي إلى تآكل الثقة هو السرية في اتخاذ القرار وإدارة الأزمات فعندما يلجأ قادة الدولة إلى إخفاء الحقائق عن شعبهم وتُكشف لاحقاً عن سفريات سرية أو لقاءات غير معلنة مع أطراف خارجية.
فذلك يولد شعوراً عميقاً بالخيانة لدى المواطنين، فالشعب الذي يعاني من ويلات الحرب، ينتظر من قيادته الشفافية والوضوح، لا أن يجد نفسه أمام معلومات متضاربة وأخبار تُسرب من مصادر غير رسمية مما يجعله يشعر أنه ليس جزءاً من المعادلة وأن مصيره يُقرر خلف الأبواب المغلقة.
أثارت الأنباء عن سفريات سرية لقيادات في مجلس السيادة والجيش وهما الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة والفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للقوات المسلحة إلى عاصمتي سويسرا والبحرين.
العديد من التساؤلات بغض النظر عن الأهداف المعلنة أو غير المعلنة لهذه الزيارات فإن غياب الشفافية في الإعلان عنها يبعث برسائل سلبية للغاية.
كما أن بعض هذه اللقاءات قد تمت مع مسؤولين من رتب أقل من رتبة رئيس مجلس السيادة كلقاء البرهان مع مستشار رئيس دولة أخرى هذا النوع من اللقاءات يُنظر إليه على أنه تقليل من شأن الدولة وسيادتها ويُعطي انطباعاً بأن القيادة السودانية في موقف ضعف، وأنها مضطرة لقبول لقاءات لا تليق بمقامها.
إن المواطن الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل وطنه يتوقع من قيادته أن تظهر بمظهر القوة والعزة وأن تتعامل مع الدول الأخرى على أساس من الندية والاحترام المتبادل، فعندما يحدث عكس ذلك فإن هذا يعزز الشكوك حول قدرة القيادة على حماية مصالح الدولة، ويُغذي فكرة أن هناك أجندات خفية تعمل ضد مصلحة الشعب.
إن استعادة القيادة لثقة المواطن تتطلب خطوات جادة وملموسة من قبل تلك القيادة وأولها الصراحة مع الشعب في كل ما يخص تحركاتها السياسية والدبلوماسية وأن تشاركهم القرارات المصيرية.
يجب أن توضح القيادة الأهداف من أي مفاوضات أو لقاءات، وأن تُبين كيف تخدم هذه الأهداف مصلحة الدولة والشعب.
يجب على قيادة الدولة التعامل مع الأطراف الخارجية من منطلق القوة والاحترام، وأن ترفض أي لقاءات أو مفاوضات لا تليق بمقام الدولة السودانية.
لا يمكن لأي دولة أن تنهض وتتجاوز أزماتها دون وجود رابط قوي من الثقة بين قيادتها وشعبها، وعلى القيادة السودانية أن تدرك أن السرية قد تكون سلاحاً ذا حدين، وقد تخدم أهدافاً قصيرة الأجل، ولكنها حتماً ستكلفها الثمن الأغلى على المدى الطويل وهو بالفقدان الكامل لثقة الشعب.
المستشار/ محمد السر مساعد
[ad_2]
Source


