[ad_1]
… حيث تتكلم الحجارة لغة الخلود
بقلم:لام دينق نوت شول
اليوم، وقف رئيس مجلس السيادة السوداني على أطلال مروي، لا كزائرٍ لحضارةٍ غابرة، بل كوارثٍ إلى عرش الزمن، يوقظ ذاكرة التاريخ، وينفض عن حجارة المعابد غبار القرون، ليقول للعالم: هنا بدأ النبض، وهنا خُطّت الحروف الأولى في كتاب الإنسانية.
في قلب الصحراء النوبية، حيث وشم الفراعنة مجدهم على صخور الجرانيت، وحيث همس النيل في آذان الأجداد بأن الخلود لا يُكتب بالحبر، بل بالحجارة، أطلّ قائد الأمة على ضباط الجيش وضباط الصف، لا ليخطب فيهم فحسب، بل ليزرع في أرواحهم جذور الانتماء الممتدة من كوش إلى اليوم.
كانت رسالته للإمارات واضحة، وإن لم يسمّها: هذه الأرض ليست بلا تاريخ كي تُشترى، وليست بلا روح كي تُستباح. نحن أبناء الحضارات التي علّمت الدنيا العمارة والهندسة والسياسة، وأقمنا الممالك قبل أن تُعرف على خرائط الأرض دول الخليج أو تُشيّد قصورها.
في ذلك المعبد، حيث الأعمدة تحرس أسرار الملوك والملكات، وحيث النقوش تروي حكاية جيوشٍ كانت تُرهب الضفاف البعيدة، بدا المشهد وكأن الزمن انحنى احترامًا، وكأن الأجداد وقفوا صفوفًا خلف أحفادهم، يذكّرونهم بأن الكرامة لا تُورّث بالذهب، بل تُنتزع بالعرق والدم.
لقد خاطب رئيس المجلس الأمة من أقدم منابر التاريخ، كمن يرسل برقية عبر آلاف السنين، تقول: من مروي إلى أبوظبي، هذه الأرض ولود، لا تُشترى بالمال، ولا تُغزى بالمؤامرات، ومن يراهن على نسيان أهلها لماضِيهم، يراهن على محو الشمس من السماء.
إنها ليست رسالة للإمارات وحدها، بل لكل من يظن أن السودان بلا عمق ولا جذور. هنا مهد الملوك الكوشيين الذين جلسوا على عرش مصر، وهنا صاغت النساء تاج السلطة قبل أن يُعرف العالم معنى الملكة الأم.
في هذا اليوم، مروي لم تكن مجرد حجارة صامتة… بل كانت جيشًا من المعاني، ورايةً من المجد، وصوتًا يعلو فوق أصوات الطامعين.
[ad_2]
Source


