#أحمد_هارون
تبرز لدى عضوية حزب المؤتمر الوطني تساؤلات ملحّة حول مستقبل الحزب وقيادته الحالية، ومن هو الرئيس الأنسب لمرحلة ما بعد السقوط.
يعتقد البعض أن الإعجاب بشخصية ما قد يؤهلها لتولي دفة القيادة، تُشير تجربة أحمد هارون، الرئيس المكلف للحزب ما قبل السقوط، إلى أن الأمر يتطلب أكثر من مجرد كاريزما أو شعبية.
فبالرغم من فشله الذريع في احتواء الأزمة التي أدت إلى سقوط النظام، ما زالت بعض الأصوات المعجبة بشخصه تُطالب به رئيساً الحزب، بل ويُدّعي هو نفسه ذلك، متجاهلاً القواعد التنظيمية التي تُسقط المسؤولية عن من يغيب لأكثر من عام، كما حدث مع البشير وغندور.
إن الإعجاب بالشخص وإن كان عنصراً مهماً في بناء القاعدة الجماهيرية، إلا أنه ليس المعيار الوحيد ولا حتى الأساسي لاختيار قائد حزب بحجم المؤتمر الوطني.
القيادة تتطلب رؤية استراتيجية، قدرة على إدارة الأزمات ومرونة سياسية وفهماً عميقاً للمشهد السياسي والاجتماعي، وهذه الصفات هي ما كانت غائبة بشكل لافت في فترة تولي أحمد هارون للمسؤولية قبل السقوط، مما ساهم في تفاقم الأوضاع ووصول الحزب إلى مرحلة السقوط.
ومن المفارقات أن هارون يدّعي رئاسة الحزب في الوقت الذي تُشير فيه اللوائح التنظيمية الداخلية بوضوح إلى إسقاط المسؤولية عن أي قيادي يغيب عن المشهد لأكثر من عام.
هذا ما ينطبق تماماً على قيادات تاريخية كالبشير وغندور ما بعد السقوط واللذين فقدا أهليتهما لرئاسة الحزب بسبب اعتقالهما لفترة تتجاوز العام.
تجاهل هذه المبادئ يُشكّل سابقة خطيرة، ويُظهر عدم احترام للضوابط الداخلية، مما يُنذر بمزيد من الارتباك والضعف التنظيمي.
الأخطر من ذلك هو الإصرار على استمرار ذات القيادات التاريخية التي ارتبط اسمها بفترة حكم المؤتمر الوطني وسقوطه.
إن الجيل الأول والثاني من قيادات الحزب على الرغم من تجربتهم الطويلة يحملون على عاتقهم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وهم يُمثلون حقبة مضت وتحدياتها وظروفها تختلف جذرياً عن الواقع الحالي.
وبالتالي فإن الاستمرار في الاعتماد عليهم لقيادة الحزب لما بعد السقوط يُعدّ إهداراً لفرصة التجديد ويعوق أي محاولة حقيقية لاستعادة الثقة وتقديم رؤية مختلفة للمستقبل.
لذا بات من الضروري أن يتصدر مشهد قيادة المؤتمر الوطني قيادات جديدة من الجيل الثالث.
هذا الجيل يمتلك رؤى أكثر حداثة وفهماً أعمق للتحديات الراهنة وقدرة أكبر على التواصل مع الشباب الذين يُمثلون عماد المستقبل.
إبعاد الجيل الأول والثاني عن القيادة التنظيمية لحزب المؤتمر الوطني لا يعني إنكاراً لجهودهم السابقة بل هو اعتراف بضرورة التغيير وضخ دماء جديدة قادرة على لملمة الشتات وإعادة بناء الحزب على أسس سليمة وتقديمه كقوة سياسية قادرة على التكيّف مع متطلبات المرحلة الجديدة.
إن مستقبل أي حزب يكمن في قدرته على التجديد والتكيف والمؤتمر الوطني بعد تجربة السقوط المريرة أحوج ما يكون إلى قيادة شابة واعدة لا ترهقها أعباء الماضي، ولا تُكبّلها حسابات المرحلة السابقة.
فهل يدرك قادة الحزب وعضويته هذه الحقيقة ويتخذوا الخطوات اللازمة نحو التجديد الحقيقي أم سيظل رهيناً لشخصيات يُشوبها الفشل وتُعيقها لوائح تنظيمية تُنتهك في وضح النهار ؟!
المستشار/ محمد السر مساعد
Source