حين تضيق بنا الحياة… يُصبح الغياب أحيانًا شكلًا من أشكال المقاومة
بقلم: لام دينق نوت شول
أيها الأصدقاء والرفاق،
يا من كنتم يومًا قرّاءً أوفياء، وأرواحًا تنبض معي في كل سطر وحرف…
أعلم أن الغياب طال، وأن المساحات بيني وبينكم اتّسعت حتى كادت تُغري النسيان بأن يتسلّل إلى ما كان بيننا من وفاء الكلمة وصِدق الحبر.
لكن… صدقوني، ما كانت خطاي تأبى الحضور، ولا قلمي جفّ عن قصد.
لقد كانت أيامي الماضية كأنها تُكتب بحبرٍ لا يُرى، وأصواتها تُسمع بلا صدى.
غبتُ لأنني اصطدمتُ بجدارٍ خفيٍّ اسمه: الواقع. واقعٌ يضغط على صدورنا كل يوم، لا يُعلن حربًا، لكنه يُنهكنا بصمت. واقعُ الحياة حين تصبح المعركة ليست فكرًا أو موقفًا، بل لقمةً، ومسؤولية، ومساءلة وجودية.
لم أكن في إجازة، ولم أغب لأنني اكتفيت.
بل كنتُ كمن يطفو فوق نهرٍ هائج، يُصارع التيار بيدٍ، ويحمل شرف الكلمة في اليد الأخرى، لئلا تسقط منه وتضيع.
واليوم… أعود إليكم.
أعود وفي القلب تراكمٌ من وجعٍ شفيف، وفي الوجدان احتراقٌ نبيل، وفي القلم اشتعالٌ لا يُطفئه إلا صدق التلاقي معكم.
يا من كنتم لي وطنًا حين ضاقت الأوطان،
لا تسألوني “أين كنت؟”، ولكن اسألوا: “كم احتاج لكي اعود.
فمن لا يُجبره ضيق الحياة يومًا على الانزواء، لا يعرف شيئًا عن الحياة.
أكتب الآن، لا لأشرح، بل لأُجدد عهدًا قديمًا:
أنا كما عرفتموني، وربما أكثر.
أكثر صمتًا، نعم…
لكن أيضًا، أكثر وعيًا، أكثر اشتعالًا، وأكثر قدرة على أن أكتب ما لا يُقال، وأقول ما لا يُكتب.
سلامٌ عليكم بعد طول غياب.
ومن الغياب ما يُنضج الوعي ويُوقظ الإحساس ويُطيل عمر المعنى في الكلمة.
عودتي ليست حدثًا…
بل بداية فصل جديد من حكاية لا تنتهي.
لام دينق نوت شول
انتظروني .
Source