تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم
إلى جماهير شعبنا الصامد في الفاشر..
إلى رفاقنا في دروب النضال والمقاومة في لجان مقاومة الفاشر..
إننا في تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم نتابع بقلوب يعتصرها الألم ما يجري في مدينة الفاشر السلطان البطلة، حيث يضربها الحصار الخانق وموجات التجويع المتواترة التي نالت ما نالت من كرامة السودانيين. إن ما يحدث في الفاشر ليس سوى فصل جديد من فصول الإبادة السياسية والتجويع التي يمارسها طرفا الحرب ضد المدنيين من شعبنا في محاولة يائسة لفرض واقع جديد يقوم على القهر، عنوانه الفاقة والعطش والمرض.
لقد علمتنا مدينة الفاشر عبر تاريخها الطويل أن إرادة الشعوب لا تُكسر، وأن الكرامة لا تُشترى. مهما اشتد الجوع والحصار على مدينتكم الأبِيّة، فإنكم صامدون كالجبال، وبإصراركم هذا كتبتم فصلاً جديدًا من ملاحم صعود ومقاومة شعبنا السوداني — تلك الفصول التي كانت أعظمها في ديسمبر عندما خرجت جماهير شعبنا تهتف بالحرية والسلام والعدالة في وجه طاغية نظام الجبهة القومية الإسلامية المجرم؛ ولا زلنا إلى الآن ننشد وطنًا يتسع للجميع.
نعلن من قلب مدينة الخرطوم، التي عرفت معنى الجوع والحصار والأمراض والبعوض، تضامننا الكامل واللامحدود مع رفاقنا في تنسيقية لجان مقاومة الفاشر ومع أهلنا المحاصرين هناك. إن معاناتكم معاناتنا، وإن صبركم وصمودكم يعكسان جوهر ثورة ديسمبر التي لم ولن تُهزم رغم محاولات قطع الطريق عليها.
ونعلن دعمنا الكامل لقافلة الفاشر الإنسانية، تلك المبادرة التي ولدت من رحم التضامن الشعبي والقاصدة لكسر الحصار المفروض على المدينة. إننا نؤمن بأن خلاصنا جماعي، وأن نجاة إنسان الفاشر هي نجاة لإنسان مدينة الخرطوم. ونؤكد أن الشعب السوداني لن يترك أبناءه يواجهون الجوع وحدهم، وأن إرادتنا للحياة أقوى من رصاص الحرب.
إلى رفاقنا في تنسيقية لجان مقاومة الفاشر..
نخاطبكم اليوم لنتعلم منكم معنى الثبات في وجه الجوع وصعوبات الحرب. نخاطبكم وأنتم تعملون وحرَمُ الرصاص تنصب فوق رؤوسكم، وندعوكم ما ندعو أنفسنا إلى التمسك بخيار السلم والسلام — سلام نصنعه نحن السودانيون بأيدينا، لا يُفرض علينا من شرفات الفنادق، ولا نُجبر عليه بفوهات البنادق.
نخاطبكم بأن تجعلوا صوتكم مناديًا بالسلام من وسط الركام، واجعلوه امتدادًا لصوت جماهير ثورة ديسمبر التي خلقتنا، لينسجم مع أصوات رفاقنا في مدني ونيالا وكادوقلي وبورتسودان ودنقلا وكل مدن السودان. لنحاصر الحرب بصوتنا، ولنردع قتلها وإجرامها، ولنرفع شعارات لا للحرب، لا لقتل الأبرياء، ولا لتقسيم بلادنا المعطاءة.
موقفنا في تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم واضح كالشمس: منذ انطلاق أول رصاصة من هذه الحرب العَبُوث، نحن ضد الحرب وضد كل من يسعى لتغذيتها بفلذات أكباد أبنائنا، ونحن ضد تحويل وطننا إلى ساحة اصطراع دولي وأجندات لا يقبلها الشعب. نحن مع الدولة المدنية وفقًا لمقررات ثورتنا الأبية، قوامها العدالة الاجتماعية والمساواة واقتلاع تمكين نظام الإنقاذ المدحور.
ونعلم أن الحرب ليست قَدَرًا من العدم، بل مشروع سياسي لقوى تريد إعادة إنتاج النظام القديم بأدواتٍ جديدة. لكننا نؤمن أن الشعب الذي أسقط طغاة زمانه قادر على إسقاط تجار الحروب والدمار، وقادر على بناء وطن حر يليق بتضحيات شهدائنا.
إلى جماهير شعبنا..
إن معركة الوعي اليوم معركة وجود، وساحة معركة للدفاع عن حقنا في الحياة بسلام. ونحن في تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم، كما رفاقنا في الفاشر السلطان، سنظل صوت الشارع الثوري وحامِيَيْن لقيم ثورتنا ودرعًا في وجه الموت، حاملين رايات السلام. فلتكن دعوتنا للسلام دعوة جذرية تنبع من الرغبة في إنهاء معاناة شعبنا. ولتكن مقاومتكم، يا رفاقنا في الفاشر السلطان، للجوع والحصار مقاومةً منظمةً تعيد للمجتمع روح التضامن الشعبي التي حمت ثورتنا في أحلك الظروف.
“نرسل لكم من الخرطوم، رغم الموت والرماد والأنقاض، تحية الصمود والعزيمة.”
ونقول لكم لن تسيروا وحدكم؛ فكل شارع من شوارع مدينتنا الخرطوم المريضة يهتف باسم الفاشر، وكل قلب فيها ينبض تضامنًا معكم. سيُكسر الحصار، وسينهزم الجوع، وستشرق شمس الفاشر غدًا من دون حمم المدافع وصليل الرصاص.
تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم22أكتوبر 2025
Source