[ad_1]
رسالة إلى بشير يعقوب… من ميدان الحقيقة لا من صالونات المجاملة
بقلم.شول لام دينق
يا بشير يعقوب،
أراك تكتب كما لو أنك تُمسك بميزان الوطن في يدٍ، وبمنخل الولاءات في الأخرى، تُقرر من يُحب السودان ومن يزايد عليه، وكأن الوطنية صكٌّ تمنحه لمن تشاء وتمنعه عمّن تشاء.
يا رجل، أنيس منصور جاء من اليمن، من بلدٍ أنهكته الحروب والمآسي، لا ليتاجر بوجع السودان، بل ليحمل جزءًا من صرخة نسائه إلى العالم، ليقول للعالم إن على هذه الأرض جريمة تُرتكب، وإن على هذه الخرائط دماءً تُغسل بالدموع.
فهل صار كشف الجريمة عندك خيانة؟
وهل صار الوقوف مع المظلومات تدخلًا في “قضايا حساسة”؟
إنك تتحدث عن “الشأن الوطني” وكأنه بضاعة تُدار بالمجاملة.
أي شأن وطني يا بشير أعظم من حماية عرض السودانيات؟
وأي وطنية هذه التي تصمت على اغتصاب النساء وتستنكر من فضح الفاعلين؟
أنيس منصور لم يأتِ ليتلصص خلف المكاتب أو ليجمع إعجاباتٍ في مواقع التواصل، بل جاء يحمل كاميراه وضميره، ويغرسهما في جراح الوطن الذي سُرق وسُبي في وضح النهار.
فهو لم يأتِ ليصنع بطولة شخصية، بل ليُعرّي المجرمين الذين لم يجدوا في السودان سوى أجساد النساء ليمارسوا فوقها بطولاتهم الوهمية.
يا بشير،
حين يكتب الصحفي عن الظلم، لا يسأل عن الجغرافيا.
الضمير لا يحمل جواز سفر، والحقيقة لا تعرف الحدود.
وأنيس منصور حين فضح مليشيا الجنجويد المدعومة من الإمارات، لم يتحدث بلغة اليمني، بل بلغة الإنسان، لغة لا تُترجم إلا في قواميس الشرف والعدالة.
أما أنت، فقد اخترت أن تُجمل الصمت بعبارات “الحساسية الوطنية”، وأن تُلمّع الجبن بطلاء “الحرص على السيادة”.
لكننا نعرف هذا النوع من “الحرص”، هو ذات الحرص الذي يُغلف الخيانة بوشاح الأدب.
لو كنتَ حقًا غيورًا على وطنك، لشددتَ على يد من جاء يفضح من دنس شرف نسائه، لا من جاء يلتقط معهم الصور.
أما أنت، فاخترت أن تُنافق الجريمة باسم الوطنية، وتُهاجم الشجاعة باسم الدبلوماسية.
يا بشير،
التاريخ لا يذكر المتفرجين،
بل يذكر من حمل الكلمة كما تُحمل البندقية،
ويذكر من كتب وهو يعلم أن الحقيقة قد تكلّفه حياته.
فدع عنك الادعاء،
واترك لمن يملك الشجاعة أن يُكمل الطريق.
فالسودان لا يحتاج إلى مزيد من “المدافعين بالكلام”،
بل إلى من يكتب بضمير حيٍّ وقلبٍ لم يُؤجر بعد.
وختامًا يا بشير،
أنيس منصور لم يزر السودان ليلتقط صورة مع الخراب،
بل جاء ليُري العالم من الذي صنع الخراب.
وما دام في هذا البلد رجالٌ يُغتصب شرفهم بالصمت، ونساءٌ يُغتصبن بالسلاح،
فكل قلمٍ يصمت عن ذلك هو شريك في الجريمة.
فاختر لنفسك، يا بشير:
هل تكون شاهدًا للحق… أم شاهد زورٍ أنيق؟
[ad_2]
Source


