[ad_1]
#عودة_غندور
يمر حزب المؤتمر الوطني حالياً بمفترق طرق تنظيمي بالغ التعقيد وتتجسد أبرز ملامحه في صراع قيادي على منصب الرئاسة بين رمزين وازنين هما المهندس إبراهيم محمود ومولانا أحمد هارون.
إن الخوض في حيثيات هذا النزاع لا يمثل مجرد تناول لخلاف في وجهات النظر، بل هو استقراء استراتيجي لمستقبل هذا الكيان السياسي الضخم في لحظة تاريخية فارقة ، نؤكد فيه بأن الاحتكام الصارم للمؤسسية هو الضمانة الوحيدة للعبور الآمن من هذه المرحلة الحرجة.
بعيداً عن الأبعاد الشخصية والمشاعر المؤقتة، يجب أن تُحسم قضية رئاسة الحزب بالرجوع إلى النظام الأساسي واللوائح المنظمة لعمل المكتب القيادي هذه القواعد، التي وضعها الحزب لنفسه، هي المرجعية العليا لضمان استمراريته في أصعب الظروف.
واستناداً إلى هذه اللوائح فأن الحق الشرعي والقانوني في الرئاسة يقع حالياً على عاتق المهندس إبراهيم محمود حامد، وذلك لاعتبارات تنظيمية معلومة.
انتفاء التكليف التنظيمي للقيادات السابقة، فبنص لوائح المؤتمر الوطني بوضوح على أن غياب أي عضو عن أداء مهامه التنظيمية لمدة تتجاوز العام، سواء بسبب المرض، أو الوفاة، أو الحبس، يُسقط عنه التكليف تلقائياً.
الرئيس السابق المشير عمر البشير وهو آخر رئيس منتخب عبر المؤتمر العام للحزب قد انتفت رئاسته لغيابه القسري المتجاوز للعام وبناءً عليه، يسقط تكليفه ولا يعود إليه إلا عبر الآليات الانتخابية الصحيحة.
البروفيسور إبراهيم غندور سقط تكليفه كرئيس للغياب القسري بسبب الاعتقال الذي تجاوز العام، وبالتالي يسقط عنه التكليف ولا يعود إليه إلا عبر مراحل انتخابية سليمة.
مولانا أحمد هارون ينطبق عليه ذات الشرط، حيث تجاوز غيابه عن ممارسة مهام الرئاسة عاماً كاملاً، مما أدى إلى سقوط تكليفه التنظيمي.
بعد تكليف مجلس الشورى للبروفيسور غندور وتعرضه للاعتقال، تولى المهندس إبراهيم محمود رئاسة الحزب بحكم منصبه كنائب للرئيس في ذلك الوقت واستمر في قيادة دفة الحزب في أصعب الفترات.
بالتالي فإن رئاسته الحالية هي الامتداد الشرعي والوحيد للسلطة التنفيذية للحزب بموجب اللوائح.
أما إعلان مولانا أحمد هارون عن توليه الرئاسة مهما كانت دوافعه يعد مساراً مخالفاً للآليات التنظيمية التي يجب أن يلتزم بها قيادي بحجمه ويهدد بتعميق الشرخ الداخلي في وقت أحوج ما يكون فيه الحزب إلى التماسك والوحدة.
لقد أثبت البروفيسور إبراهيم غندور قدرته على قيادة الحزب، فبعد سقوط نظام حكم المؤتمر الوطني، استطاع بحكمته ونهجه الهادئ أن يسيطر على القاعدة الحزبية العريضة وأن يتبنى خطاً سياسياً واضحاً (المعارضة المساندة)، بهدف تجنيب الحزب المواجهة المباشرة والمضي به نحو الانتخابات، لقد قام بـامتصاص الهجمة الضخمة التي استهدفت الحزب.
إن أفضل مخرج لإنهاء حالة الاحتقان والخلاف بين المهندس إبراهيم محمود ومولانا أحمد هارون يكمن في مبادرة قيادية جريئة من قبل المهندس إبراهيم محمود، تتمثل في التنازل بشجاعة عن منصبه واتخاذ قرار بإعادة رئاسة الحزب إلى البروفيسور إبراهيم غندور (بموجب تكليف جديد من مجلس الشورى). هذا القرار يمثل تقديماً للمصلحة العليا للحزب على المصلحة التنظيمية الفردية.
على مولانا أحمد هارون أن ينأى بنفسه عن أي نزاع على الرئاسة في الوقت الراهن وأن يركز على إنهاء قضيته القانونية مع السلطة القضائية وبعد انتهائها، يمكنه حينها التنافس مع جميع القيادات على رئاسة الحزب ضمن المؤتمر العام المنتظر ووفقاً للآليات التنظيمية السليمة.
إن عودة البروفيسور إبراهيم غندور لرئاسة حزب المؤتمر الوطني توفر قيادة توحيدية ومقبولة لدى غالبية قيادات وعضوية الحزب وتنهي الاحتقان الحالي وتسمح للحزب بالمضي قدماً نحو عقد المؤتمر العام.
فالمؤتمر العام هو الآلية الشرعية التي سيتم من خلالها انتخاب رئيس للحزب، مما ينهي مرحلة التكليفات والغيابات الاضطرارية ويعيد بناء الحزب على أسس متينة في خضم العواصف السياسية الراهنة.
إن المؤتمر الوطني أحوج ما يكون اليوم إلى صوت الحكمة والالتزام المؤسسي لا إلى ضجيج الصراع على كرسي الرئاسة.
المستشار/ محمد السر مساعد
[ad_2]
Source


