الجريدة هذا الصباح.
. الإنحدار في خطابهم الإعلامي والسياسي هو انعكاس لخسارة المشروع والرهان على الحرب،
مما حوّل المنصات إلى مسارح للصراخ والتهريج.
أطياف – صباح محمد الحسن
إفلاس!!
طيف أول:
للمعاني التي سقطت في أضداد الكلمة، فأصابت القلوب التي جرحها الوجع على وسادة حُشيت بالدمع، عندما أدركت أن لا قيمة للاعتذار!!
ومنذ اندلاع الحرب، شهد الخطاب الإعلامي انحدارًا مولماً، إذ انحرف عن دوره الطبيعي كرافعة للوعي الوطني، فبدلاً من أن يكون اليد التي تنتشل البلاد من مستنقع القتل والدمار والتفرقة العنصرية وفتك النسيج الاجتماعي، انجرف الإعلام ذاته إلى هاوية الصراع، حتى باتت المنصات الاعلامية تردد خطابًا هابطًا، يتبنى لغة الحرب التي غالبًا ما تتسم بالسطحية والابتذال.
فخطاب الميدان بدأ بكلمتين (بل وجغم)، فكان أثرها كسلاح فتاك متطور، ليس في ميادين الصراع، بل على المنابر الإعلامية، الأمر الذي يكشف أن أدوات الحرب كانت أكثر تأثيرًا على الإعلام، بدلًا من أن تكون أدوات الإعلام أكثر تأثيرًا على الحرب ، لتحد من خطرها ودمارها.
وكانت الكلمتان بمثابة العنوان الذي كشف هذا الانحدار الأخلاقي والإعلامي، ومنذ ذلك اليوم تحولت المنابر من فضاءات كان يجب أن ستساهم في نشر الوعي إلى مصانع لإنتاج خطاب الكراهية وتصديره، ذلك الخطاب الذي أزهق الآف الأرواح من الشعب السوداني!!
ومن الأسوأ أيضًا أن المشهد الإعلامي في الحرب تصدره البعض من الذين يفتقرون إلى الحد الأدنى من القيم الأخلاقية، فكان إفلاسهم الأخلاقي واضحًا في تناول الطرح السياسي، فبدلًا من تناوله إعلاميًا بالبحث والتحليل والحجة، أصبحوا يتعاطونه بأسلوب سطحي، كالتعدي على الخصوم السياسيين بالتخوين والتنمر السياسي، وترك جوهر القضايا الأساسية في استهتار واضح بمعاناة المواطن
وذلك يعود إلى فشل مشروع “الحرب والكرامة”، الذي لم يبقَ لهم منه سوى إعادة إنتاج خطابات الميدان العسكري، بلغة لا تليق بالإعلام، بل تشبه ألفاظ المنفلتين الذين يكشفون عن سوء سلوكهم في لحظات الانفلات.
حتى المؤسسة العسكرية نفسها باتت تستحي من بعض من يتحدثون باسمها على منصات التواصل الاجتماعي، لما في خطابهم من إسفاف لا يمت إلى أخلاقيات الجيش بصلة.
وهكذا تحولت المنصات الرقمية إلى ساحات للفتنة، تدعو إلى القتل والتحريض، وتغذي خطاب الكراهية، في وقتٍ عانت فيه الصحافة من دخلاء على المهنة، لا يملكون سوى الجهل، فأساؤوا إليها وأضروا بها.
أما الإعلاميون من دعاة الحرب، فيبدو أنهم أفلسوا كما أفلس السياسيون الذين يروجون لها، لأن ثقافة الحرب لا تملك رسالة إعلامية طويلة الأمد، فهي تقوم فقط على العزف على وترين: استمرار الحرب، وسياسة تخوين الخصوم السياسيين.
ولو عدنا ثلاث سنوات إلى الوراء، لوجدنا الخطاب السياسي الإعلامي في الحرب لم يراوح مكانه، وظل في هذه الدائرة دون تجديد.
ولأن الانتماء السياسي للفكرة والتنظيم والحزب بات مقرونًا بالقتل والدمار والتشريد، لا تجد أحدهم يعلن انتماءه صراحة، وكثيرًا ما يلجأون في المواجهات الإعلامية إلى الإنكار.
بينما لم نرَ من دعاة التغيير من أنكر حزبه أو تحالفه. وهنا يتجلى الفرق بين مواجهة الخطأ السياسي والعار السياسي.
والإفلاس في خطابهم الإعلامي والسياسي هو انعكاس لخسارة المشروع والرهان على الحرب، عندها تحولت المنصات إلى مسرح للصراخ والتهريج بظهور شخصيات سياسية طفيلية
وإعلامٌ يتجاهل المأساة الإنسانية، ويتغاضى عن آلاف الضحايا، وعن مئات المرضى الذين يعانون في المستشفيات من نقص الدواء، وعن حمى الضنك التي تفتك بالأرواح، ليواصل ممارسة سلوك “القونات” في الهمز واللمز.
وهكذا يتأكد مستوى الانحدار، حين تصبح منازلة الخصم بعيدة من المنطق والحجة، ومجردة من مشاعر الإنسانية.
ومنذ الخامس عشر من أبريل، لم يقتصر دور دعاة الحرب على ارتكاب أخطاء التحريض والتخوين والتضليل، وترويج الأكاذيب التي تستهدف وعي المواطن، بل تجاوز تلك الممارسات ليغدو شريكًا في الجريمة ذاتها.
فالإعلام الذي لم تهزه فداحة ما أصاب الإنسان السوداني من مآسٍ وويلات، هو إعلام فقد صوابه، ولن يفيق ليشارك المواطن شعوره أو يلامس ألمه. فمن لم يستيقظ ضميره أمام هذا الخراب والدمار ، لن يصحو ليحمل همًا آخر سوى ما يخدم أجندته.
طيف أخير:
#لا_للحرب
المتحدث باسم الكتلة الديمقراطية محمد زكريا:
“الجهود الدولية في المشهد السوداني كانت ولا تزال سببًا أساسيًا من أسباب تعقيد الأزمة السودانية.”
وحركة ذكريا العدل والمساواة بقيادة جبريل، مصلحتها أن تستمر هذه الأزمة المعقدة.
Source