عن الفحص الجيني و جهل الجاهلين.
التحور E-CTS5995 يُعد جزءًا من سلسلة التحورات التي تنتمي إلى المجموعة الجينية E-M35، وهو تحور يثير الكثير من الجدل، خاصةً في السودان وجزيرة العرب. هذا الجدل يعود إلى ارتباط هذا التحور بالموروث العباسي الهاشمي القرشي وتأثيره المحتمل على السردية التقليدية للعروبة والنسب القرشي. ليس من المستغرب أن تثير مثل هذه النتائج الجينية حساسية لدى البعض، نظرًا لأن هذه النتائج قد تُعيد النظر في بعض الادعاءات التاريخية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالهوية العربية.
يُعد E-M35 السلف الرئيسي لتحورات عديدة، منها E-M78 وE-V22 وE-V12، التي انتشرت على نطاق واسع في شمال إفريقيا وشرقها وأجزاء من جنوب أوروبا وغرب آسيا. نشأ هذا التحور في منطقة شرق إفريقيا أو شمال إفريقيا منذ حوالي 22,000 إلى 30,000 سنة، ولعب دورًا أساسيًا في الهجرات البشرية التي ساهمت في تشكيل تاريخ الشعوب في هذه المناطق.
ينشأ القلق من أن النتائج الجينية قد تؤدي إلى إعادة النظر في بعض الادعاءات المرتبطة بالنسب العربي الصريح، بما في ذلك نسب آل البيت. في الحقيقة، هناك نقاش علمي قائم بين عدة تحورات جينية، منها التحور E-M81 الذي يتركز في شمال إفريقيا، والتحور E-M78 الذي ينتشر في وادي النيل وشرق إفريقيا، إضافة إلى التحور J-FGC الذي يرتبط تقليديًا بالنسب العربي والقرشي. من الطبيعي أن يتنافس المتنافسون على شرف الانتماء إلى هذه الأنساب النبيلة، فمسألة الأصول والنسب كانت دائمًا محط اهتمام كبير في تاريخ الشعوب.
التحور E-V32، وهو فرع من E-M78 الذي يتفرع بدوره من E-M35، قد انتشر عبر مناطق واسعة من شرق إفريقيا والجزيرة العربية ووادي النيل. هذا الانتشار يعكس حركة الشعوب القديمة وتفاعلها في هذه المناطق، ويشير إلى الروابط التاريخية التي تجمع هذه المجتمعات على مر العصور.
هناك مغالطة شائعة يستغلها البعض، وهي أن التحورات الجينية المرتبطة ببعض قبائل غرب إفريقيا تتداخل مع التحورات العربية. لكن الواقع يوضح أن التحورات الجينية العربية الصريحة، مثل E-CTS5995، لا تلتقي مع تحورات هذه القبائل إلا قبل حوالي 70 ألف سنة. في ذلك الوقت لم يكن هناك تمايز عرقي واضح، حيث ظهر العرق العربي بعد ذلك بآلاف السنين، مما يعني أن فكرة التداخل الحالي بين هذه التحورات هي محض خرافة تستغل جهل البعض بهذه الأمور العلمية.
لذلك، من المهم أن يقوم المزيد من أبناء المجموعات العباسية وأحفاد القبائل التاريخية بإجراء الفحوص الجينية لتعزيز المعرفة الجينية وإثراء الساحة العلمية. الفحص الجيني ليس مجرد وسيلة للتحقق من النسب، بل هو أداة لفهم التاريخ المشترك والتفاعلات القديمة بين الشعوب. في النهاية، الحقائق الجينية تسهم في تكوين صورة أكثر شمولية لتاريخ المجتمعات وتطورها عبر العصور، بغض النظر عن الحساسيات المتعلقة بالهوية والانتماء.
مرفق :
صورة من شركة فاميلي تري المعروفة تشرح حركة التحور E-V32 و توتجده في شبه الجزيرة العربية قبل 5200 عام ، أي بالضبط الزمن الذي عاش فيه أبو الانبياء أبراهيم حيث بدأت قصة العرب الأولى .
عبدالرحمن عمسيب
Source by عبدالرحمن عمسيب