[ad_1]
#إنقاذ_الدولة
إن الحديث عن مصير الأمم في مرحلة التحولات الكبرى هو حديث عن مسؤولية القائد وعن خياراته التي ترسم مستقبل شعبه.
عندما تسقط أنظمة الحكم وتتولى شخصيات جديدة زمام الأمور في فترة انتقالية، يصبح الأداء السياسي للقائد محكاً حقيقياً لقدرته على قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان.
ولكن ماذا يحدث حين يختار القائد طريقاً وعراً، بعيداً عن تطلعات شعبه ويضع مصالح ضيقة فوق المصلحة الوطنية العليا ؟!
تكمن الكارثة في انحراف القائد عن مسار التحول الديمقراطي السليم، وذلك عندما يميل إلى الاستعانة بقوى غير وطنية، بدلاً من بناء تحالفات سياسية تستند إلى الإرادة الشعبية.
إن اختيار مجموعة سياسية لا تمتلك سنداً تاريخياً أو شعبياً وتكون مدعومة من قوى خارجية، هو خطأ استراتيجي فادح.
هذا الاختيار ليس مجرد تفضيل سياسي، بل هو تهديد مباشر لسيادة الدولة واستقلال قرارها.
عندما تُفتح أبواب التأثير الخارجي، يصبح الوطن ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية ويصبح المواطن ضحية لمؤامرات لا ناقة له فيها ولا جمل.
إن الأدهى من ذلك هو التغاضي عن تضخم القوى العسكرية القبلية على حساب المؤسسة العسكرية الوطنية.
إن تقوية هذه الميليشيات بالمال والسلاح والسماح لها بالتواصل مع قيادات دول خارجية، هو بمثابة تفكيك ممنهج لنسيج الدولة وبنيتها الأمنية.
إن مهمة القائد في فترة الانتقال هي إعادة بناء جيش وطني قوي وموحد، لا تقسمه الولاءات وتغذية النزاعات الداخلية.
إن حشد أكثر من 120 ألف مقاتل في عاصمة البلاد، أمام مرأى ومسمع القائد وأجهزته الأمنية، دون اتخاذ أي إجراءات احترازية، ليس تقصيراً في الأداء فحسب، بل هو تواطؤ غير مباشر يمهد الطريق لعملية انقلاب شاملة وهو ما حدث بالفعل.
لكي ينجح أي انتقال سياسي، كان على القائد أن يتبع خطوات واضحة ومحددة، ومنها أن يعتمد على تحالفات سياسية وطنية، وليس على أحزاب معروف عنها علاقاتها الخارجية مع دول وجهات تعمل ضد الدولة السودانية، والتحالفات السليمة التي كان على القائد العمل معها هي التي تكون مرآة للمجتمع، لا أداة لتحقيق أجندات خارجية.
كان من الضروري أن تكون هناك خطة واضحة للدمج والتسرييح لجميع الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وقوات الدعم السريع قبل تمردها وقوات الدفاع الشعبي، فاحتكار الدولة للسلاح هو أساس الأمن والاستقرار، فعلى القائد أن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأن يكون حاسماً في مواجهة أي تهديد يمس الأمن القومي، سواء كان داخلياً أو خارجياً.
إن المماطلة في اتخاذ القرارات المصيرية، خاصة في أوقات الأزمات، هي سمة من سمات القيادة الفاشلة، فعندما يواجه القائد تمرداً مسلحاً، فإن الحل الوحيد هو الحسم العسكري السريع لإنهاء التمرد وحماية المدنيين.
إن الذهاب للتفاوض مع المتمردين بعد فشلهم في تحقيق أهدافهم هو إطالة لأمد الحرب، وإعطاء فرصة للميليشيا المتمردة لإعادة ترتيب صفوفها، مثل هذا الأداء يؤدي إلى إضعاف معنويات الجيش، ويزعزع ثقة الشعب في قيادته.
في مثل هذه الظروف، يقع على عاتق المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها الجيش، مسؤولية تاريخية.
يجب على الجيش، في إطار الشرعية الدستورية والقانونية، أن يتخذوا خطوات حاسمة لإنقاذ الدولة من الانهيار، ويتطلب منهم مطالبة القائد بتصحيح مساره، أو حتى اتخاذ إجراءات أكثر جذرية لحماية الأمن القومي.
كما يجب على الأحزاب السياسية الوطنية أن تتكاتف وتتوحد لتشكيل جبهة وطنية قوية، تعمل على ممارسة الضغط الشعبي والسياسي من أجل إرغام القيادة على العودة إلى الطريق الصحيح، أو المطالبة بتغييرها.
إن مصير الأوطان ليس رهينة قرارات فردية خاطئة، بل هو نتاج وعي شعبي وقوة مؤسساته.
إن إنقاذ الدولة من التوهان يتطلب شجاعة القادة وحكمة الشعب، فهل نرى شروقاً جديداً لأمة تستحق أن تعيش في أمان وسلام ؟
المستشار/ محمد السر مساعد
[ad_2]
Source


