[ad_1]
نصيحة لوجه الله
بقلم: لام دينق نوت شول
إلى أهلي في الشمال والجنوب، أكتب إليكم اليوم بلهجة صارخة لأن ما يجمعنا من الأخطاء أكبر مما يفرقنا من الجغرافيا. نحن شعبان على أرضين، لكننا نتشارك في سلوك خطير: العفوية المفرطة التي تتحول إلى انقياد أعمى.
في الشمال، رأيت كيف يندفع الناس خلف كل شعار وكل زعيم دون أن يسألوا: من يقف وراءه؟ وما مصلحته؟ وفي الجنوب، نحن نكرر المشهد نفسه خلف زعماء القبائل وقادة المليشيات. في الحالتين، نعطي ثقتنا بسرعة، ونسلم عقولنا لمن يجيد دغدغة مشاعرنا.
لكن الأخطر من ذلك أن أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية فهمت هذا الضعف النفسي قبل أن نفهمه نحن. الإمارات، ودول خليجية أخرى، أسست مراكز أبحاث متخصصة لدراسة الشخصية السودانية — شمالًا وجنوبًا — لتعرف كيف نفكر، وكيف نغضب، وكيف نندفع، ثم تستخدم هذه المعرفة لصياغة خطط إعلامية وسياسية وأمنية ضد مصالحنا القومية.
هذه المراكز لا تدرسنا بدافع الفضول الأكاديمي، بل بهدف التحكم في ردود أفعالنا وتوجيهها. يعرفون أننا نثق بسرعة في من يخاطب عواطفنا، وأننا نميل إلى الانضمام إلى الحشد حتى دون اقتناع حقيقي. لذلك، يزرعون بيننا من يشعل نار الحماسة في الاتجاه الذي يخدم أجنداتهم، ثم يجلسون يراقبوننا ونحن نحرق بعضنا بأيدينا.
أهلي في الشمال والجنوب، الطيبة التي بلا وعي ليست ميزة، بل ثغرة أمن قومي. من لا يحرس وعيه، سيحرس حدود غيره وهو لا يدري. المخابرات لا تغزو بالأعيرة النارية فقط، بل تخترق بالعواطف والشعارات المدروسة بعناية.
إذا أردنا أن نكسر هذه الحلقة، فعلينا أن نكون أذكى من خصومنا. أن نسأل قبل أن نهتف، وأن نفكر قبل أن نصدق، وأن نعرف أن أعداءنا يدرسوننا كما يدرس الصياد حركة فريسته. السودان، شمالًا وجنوبًا، لن ينجو بالعفوية وحدها، بل بالوعي الذي يحول الطيبة إلى قوة لا إلى فخ.
[ad_2]
Source


