مكي المغربي
هنالك تصور عالمثالثي شائع في التعامل مع العالم الغربي، وهو أنه كلما تزينت لهم بالمرونة والتوافق مع أجندتهم، وكلما عرضت المساعدة في تمرير مطالبهم، فإنه بذلك يتم التعويل عليك أكثر من غيرك، وبذلك تحقق مكاسب أكثر في التفاوض لصالح وطنك، باعتبارك أنت وحدك المأمون والموثوق به لديهم.
قبل الحديث عن الخطأ السياسي والمنهجي، هنالك خطأ عملي ينسف هذه الفكرة تمامًا، وهو أن العرض المقدم للغربيين بهذه الطريقة فيه زحام شديد وتكدس من الآلاف الراغبين في أداء ذات المهمة، بذات الفكرة: حكوميين وسياسيين وناشطين وإعلاميين … ولذلك، وفرة العرض تقلل القيمة.
لن يتم التعامل مع هذا الطرف باعتباره وسيطًا أو مفاوضًا أصيلا، بل سيتم اعتباره أداة سياسية للاستخدام ضد الطرف الأصيل، وعليه ستزداد عليه الفروض والمطالب والضغوط، ولن تكون هنالك أي رغبة غربية لتقوية دوره في بلده إلا بمقدار تمرير النفوذ، لأن القوة الحقيقية ستحوله إلى أصيل ثانٍ وتخرجه من مستوى الاستخدام.
هنالك (فهلوة) ومنطق متذاكٍ، بأن يتصنع الشخص للغربيين أنه جاهز للاستخدام وتمرير الأجندة (إلى حين امتلاك القوة بدعمهم) ثم الانقلاب عليهم وعلى الصفقة بأجندة وطنية خالصة.
مجدّدًا، هذا تكرار لما قام به آخرون، وهناك مؤشرات معروفة جدًّا لديهم لمن تكون نيته الاستخدام المؤقت.
هذا المستوى الضحل من التفكير المحلي الشفاهي الكسول لن يخدم في إدارة علاقات دولية معقدة مع جهات وضعت السياسات وقواعد اللعبة منذ الأربعينات، وتقوم بتحديثها باستمرار وتعزيزها بالوسائل التكنولوجية والاستخبارية، ولديها خبرة وتاريخ في التعامل مع العينات أعلاه.
الأفضل هو جمع نقاط القوة والأصالة في الداخل وعدم التفريط فيها، وإضعاف دور المستخدمين بدلا من التعويل عليهم وتسليمهم الملف، إضعاف وتلاعب وليس إلغاء كامل .. وبعد ذلك خطوات مدروسة تحتاج إلى نفس طويل وليس (الشفقة) والاستعجال في صفقة سرية وحاسمة مستحيلة الحدوث.
[ad_2]
Source
هنالك تصور عالمثالثي شائع في التعامل مع العالم الغربي، وهو أنه كلما تزينت لهم با…
Leave a Comment


