[ad_1]
*فخ التخاذل: حين تضيق الجغرافيا على الوطن*
كتب: محمد الأمين عبدالعزيز
في خضم *المحنة* التي تعصف بالسودان، تبرز أصوات نشاز، تُروّج لانتهاء المعركة وحصرها في نطاق العاصمة الخرطوم، كأنما الوطن قد اختُزل في بضعة كيلومترات مربعة، وأن دحر مليشيا الدعم السريع قد تم!. هذا الخطاب، الذي ينفث سمه الطابور الخامس، لا يخدم إلا أجندة التفتيت والتخاذل، متجاهلاً عن عمد وسبق إصرار حقيقة أن إقليمي كردفان ودارفور ما زالا يكتويان بنار الحرب، ويدفعان من دماء أبنائهما ثمن صمودهما في وجه عدوان غاشم. إن هذا التجاهل المقصود لهو طعنة في خاصرة الوطن، ومحاولة بائسة لشرعنة واقع مرير يرى في “مثلث حمدي” حدوداً للدولة، وما عداه أرضاً متروكة للنسيان والمعاناة.
ومما يزيد *الجرح* عمقاً، ويغذي الشعور بالمرارة، تلك المشاهد الاحتفالية التي يظهر فيها بعض أعضاء مجلس السيادة وقادة القوات المسلحة. فبينما تئن الفاشر تحت وطأة حصار دام لعامين، شهدت فيه ما يربو على مائتي هجوم، وتواجه شبح مجاعة يفتك بأهلها كل يوم، نجد البعض منهمكاً في تجمعات خطابية وحماسية في مناطق آمنة أو في جامعات، بعيداً عن غبار المعارك ووجع المواطنين. إن الاحتفال بذكرى الجيش في قلب مناطق مستقرة، بينما تخفت جذوة العمليات العسكرية في جبهات القتال الملتهبة، ويسود الفتور والتباطؤ في تحرير ما تبقى من أرض السودان، ليبعث برسالة محبطة ومقلقة لكل من ينتظر الخلاص على أحر من الجمر.
إن *مدينة الفاشر* الصامدة تقف اليوم شاهداً حياً على هذا التخاذل المريب. فعلى الرغم من صرخات الاستغاثة المتتالية، والتقارير اليومية التي تنقل هول المأساة الإنسانية، من موت بالجوع والمرض، وانعدام لأبسط مقومات الحياة، لم نر تحركاً عسكرياً جاداً ومنسقاً من القيادة العليا لفك الحصار عن المدينة، وتأمين ممرات إنسانية لإغاثة أهلها. هذا العجز عن اتخاذ القرار، أو ربما عدم الاكتراث، يطرح تساؤلات مشروعة حول الأولويات الحقيقية، وما إذا كانت دماء أهل دارفور وأرواحهم تقع بالفعل في صلب اهتمام من يديرون دفة الأمور.
إن الواجب الوطني والقومي يقتضي اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نبذ خطاب التجزئة والتفريق، والالتفاف حول حقيقة أن السودان كله لا يتجزأ. المعركة الحقيقية ليست في الخرطوم وحدها، بل في كل شبر من أرض الوطن الذي لا يزال محتلاً. والمطلوب من القائمين على الأمر ليس توزيع الابتسامات في الاحتفالات، بل التحرك الفعلي على الأرض، وتوجيه كل الطاقات والإمكانيات لتحرير كردفان ودارفور، وإنقاذ الفاشر وكادقلي من براثن الموت. إن *التاريخ لن يرحم* من فرّط في تراب وطنه، أو تخاذل عن نصرة أهله، وسيظل وفاء الشعب السوداني معلقاً بمن يصدق القول بالفعل، ويعيد للوطن وحدته وكرامته وليس التلاعب بمجموعاته المقاتلة للمحافظة على شعوبه وأرضه.
حتماً سينتصر الحق يوماً
[ad_2]
Source


