[ad_1]
#المناهج_السياسية
أرسل لي أحد أقربائي الصورة المرفقة وقال لي هل تصدق أن اليوم الأحد الموافق 10 أغسطس 2025م قد تم تدريس هذا الدرس لأحد أبنائي في المدرسة وهو يدرس في الصف الثاني الإبتدائي.
معلوم بأن التعليم هو حجر الزاوية في بناء أي مجتمع مزدهر ومستقر، وأي عبث في هذا القطاع الحيوي يكون له عواقب وخيمة.
تعد المناهج الدراسية هي خريطة الطريق التي توجه الأجيال الجديدة وتحدد معارفها ومهاراتها وقيمها.
عندما تخضع هذه المناهج للتغيير وفقاً للرغبات السياسية للأحزاب فإن ذلك يُحدث ضرراً عميقاً في النظام التعليمي وبنية الدولة بأكملها.
تكمن المشكلة الأساسية في أن تغيير المناهج لأسباب سياسية يحول التعليم من أداة للمعرفة إلى أداة للدعاية.
فبدلاً من أن يكون الهدف هو تنمية الفكر النقدي لدى الطلاب يصبح الهدف هو غرس أفكار حزبية معينة سواء كانت أيديولوجية أو دينية أو قومية.
هذا التسييس يؤدي إلى تشويه الحقائق التاريخية والعلمية من خلال الحذف والإضافة لأجزاء من التاريخ لتناسب الرواية السياسية وتجاهل الحقائق العلمية والتاريخية المثبتة طالما تتعارض مع معتقدات الجماعة الحاكمة.
تسييس المناهج يركز على الحشو وتلقين المعلومات بدلاً من الفهم العميق والابتكار مما يؤثر حتى في المعلمون، حيث يجدون أنفسهم مضطرين لتدريس محتوى لا يؤمنون به أو لا يتوافق مع المعايير المهنية.
حدث كل ذلك عندما قامت ما تسمى أحزاب قوى الحرية والتغيير (قحت) أبان حكمهم للسودان بالشراكة مع المجلس العسكري برئاسة البرهان بتغيير المناهج الدراسية في المدارس مما غذي الانقسام الاجتماعي وصنع بيئة من الاستقطابات الحادة.
فعندما يتم تسييس المناهج لا يقتصر الضرر على النظام التعليمي وحده بل يمتد ليشمل بنية الدولة بأكملها مما يهدد استقرارها ومستقبلها ويكون نتيجة ذلك ضعف للكفاءات الوطنية، فعندما لا يتلقى الطلاب تعليماً سليماً يعتمد على أسس علمية ومنطقية فإنهم يكبرون ليصبحوا كوادر غير مؤهلة لسوق العمل، وذلك يضعف القدرة التنافسية للبلد على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
إضافة إلى غياب الحس الوطني الحقيقي، فبدلاً من بناء شعور بالهوية الوطنية المشتركة القائمة على احترام التنوع والتعايش يصنع التسييس ولاءات ضيقة مرتبطة بفئة معينة.
يؤدي التدخل السياسي في المناهج إلى إضعاف استقلالية المؤسسات التعليمية ويحولها من مراكز فكرية مستقلة إلى أدوات تابعة لأحزاب بعينها.
وللحفاظ على جودة التعليم وضمان مستقبل الأجيال يجب حماية المناهج الدراسية من التدخلات السياسية.
وذلك بقيام المركز القومي للمناهج (بخت الرضا) بدوره المستقل والمعهود دون تدخل من السلطة الحاكمة أيً كان توجهاتها وبعيداً عن أي ضغوط سياسية، وأن تركز المناهج على القيم الإنسانية المشتركة مثل العدالة والمساواة واحترام الآخر مما يعزز الوحدة الوطنية بدلاً من الانقسام.
السؤال هو لماذا حتى الأن يتم التدريس في المدارس بمنهج قحت ؟!
المستشار/ محمد السر مساعد
[ad_2]
Source


