.وفرة الحلول وغياب الإرادة
عثمان ميرغني
من الحكمة أن ننظر إلى أوضاع السودان
الراهنة بمنتهى الشفافية والعين الاستراتيجية. وبكل يقين، تشير كل المؤشرات إلى أننا لا نسير في الاتجاه الصحيح. وللدقة، نحن لا نسير في اتجاه معلوم أصلاً، كالمركب التي تتقاذفها الأمواج في عرض البحر.
هذا الوضع ليس خطيراً في ذاته، بل في كونه محروس بمن يريدون للبلاد أن تستمر في هذا التيه لحسابات ضيقة. هنا تكمن الخطورة: أن تتفق مصالح البعض ضد مصالح الشعب كله.
أول هذه المؤشرات هو غياب الرؤية والقدرة على النظر بعين بصيرة إلى ما هو أبعد من الواقع الذي نعيشه. لا يعقل أن دولة مثل السودان، بما يتمتع به شعبها من استنارة وتعليم وعمق تاريخي، لا يعلم أحد فيها التقويم القومي للعام المقبل، الذي تفصلنا عنه أربعة أشهر فقط.
ما الذي تخطط له الدولة السودانية في عام 2026؟ حتى لا نذهب بعيداً في التفاؤل ونسأل عن مستقبل أبعد.
ما الذي تفكر فيه الدولة لما تبقى من هذا العام؟
متى تتوقع الدولة أن تنتهي الحرب؟ حتى لو سلمنا بصعوبة تقدير ذلك، فهل يمكن تحديد ميقاتين: الأول في أفضل الأحوال، والثاني في أسوأ السيناريوهات؟
إلى أي مدى تواجه بلادنا خطر التقسيم والتشظي؟
هل للدولة خطوات احترازية للحيلولة دون انجراف الواقع الراهن نحو سيناريوهات غير متحكم بها قد تهدد وحدة البلاد؟
هل تمتلك الدولة مواعين تفكير استراتيجي تتحسب لكل الاحتمالات وتضع المعالجات التي تقاوم عوامل الخطر؟
لا أحتاج إلى إجابات على هذه الأسئلة، فالمعلوم بالضرورة أن الدولة تفتقر إلى العين البصيرة والإرادة الحصيفة لاستشراف المستقبل وإدارة مصالحنا القومية وفق رؤية تصنعها مؤسسات خبيرة.
الناظر لواقع الدولة السودانية منذ الاستقلال إلى يومنا هذا يندهش من أنها كانت دائماً أفضل في السابق. كلما أطفأت شمعة عام من عمرها المديد، ترتد في الاتجاه المعاكس في رشدها وقدراتها ومؤسساتها.
ما الحل؟
من السهل أن تجد العقول السودانية آلاف مشروعات الحلول لكل قضايا الدولة، لكن في المقابل، لا تتوفر آلية لجعل هذه الحلول قابلة للتنفيذ على أرض الواقع. بل وأكثر من ذلك، لا توجد حتى إرادة.
#حديث_المدينة الخميس 7 أغسطس 2025
Source
