#سلطة_الشعب
يمر السودان بفترة عصيبة وغير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م، والتي أشعلتها قوات الدعم السريع المتمردة والمحلولة.
في خضم هذه الأزمة حيث تتصاعد المعاناة الإنسانية وتتفاقم التحديات الاقتصادية والأمنية يبرز غياب المؤسسات التشريعية كفراغ خطير يهدد استقرار الدولة ومستقبلها الديمقراطي.
إن تعطيل عمل البرلمان الاتحادي والمجالس التشريعية في الولايات هو تعدٍ صارخ على حق الشعب السوداني في الرقابة والمساءلة وهو أمر لا يمكن أن يستقيم معه مسار الدولة نحو التعافي والاستقرار.
لطالما مثلت المجالس التشريعية سواء على المستوى المركزي
أو الولائي حجر الزاوية في أي نظام حكم رشيد وديمقراطي.
فدورها لا يقتصر على سن القوانين فحسب بل يمتد ليشمل الإشراف والرقابة على أداء الحكومة المركزية وحكومات الولايات.
هذا الدور الرقابي بالغ الأهمية فهو يضمن الشفافية ويحارب الفساد ويضمن أن القرارات الحكومية تخدم مصالح الشعب لا مصالح فئة أو أفراد.
في ظل غياب هذه الرقابة يصبح الباب مفتوحاً أمام تجاوزات محتملة وسوء إدارة للموارد وتهميش لأصوات المواطنين.
في الظروف الحالية التي يمر بها السودان تزداد الحاجة إلى وجود هيئات تشريعية فاعلة فالحرب فرضت واقعاً معقداً يتطلب إدارة حكيمة للموارد المحدودة وتخطيطاً استراتيجياً للإغاثة وإعادة الإعمار ومعالجة سريعة وشفافة للتحديات الأمنية.
من دون برلمان فعال لا يوجد من يحاسب الحكومة على إنفاقها أو يراجع سياساتها أو يمثل تطلعات الفئات المتضررة من الحرب.
إن غياب البرلمان والمحكمة الدستورية يصنع فراغاً دستورياً وقانونياً خطيراً ويجعل السلطة التنفيذية تعمل دون رقيب أو حسيب.
هذا الوضع لا يتماشى مع مبادئ الحكم الرشيد ولا يبني الثقة بين الدولة والمواطنين وهو أمر حيوي لاستعادة تماسك المجتمع بعد هذه الحرب المدمرة.
لذلك يجب على رئيس الوزراء المكلف حديثاً والذي يحمل على عاتقه مسؤولية كبيرة في هذه المرحلة الانتقالية أن يشرع فوراً في ترتيبات عاجلة لتكوين برلمان اتحادي انتقالي وعودة المجالس التشريعية الولائية.
هذه الخطوة ليست مجرد إجراء شكلي بل هي ضرورة قصوى لإعادة الشرعية للمؤسسات وتفعيل الرقابة الشعبية وضمان أن عملية اتخاذ القرار تتم بشفافية ومسؤولية.
إن عودة الحياة البرلمانية ستكون بمثابة إشارة واضحة للداخل والخارج على التزام السودان بالمسار الديمقراطي، وتجسيداً لحق الشعب في أن يكون شريكاً أصيلاً في صياغة مستقبل بلاده.
المستشار/ محمد السر مساعد
Source