[ad_1]
في الحرب ضد الطابور الخامس(8)
حرب الظلال: من يستهدف القوات المشتركة في هذا التوقيت ولماذا؟
في خضم الدخان والدمار الذي يخيم على سماء السودان، وفيما تتجه الأنظار نحو خطوط المواجهة المباشرة، تُدار معركة أخرى لا تقل ضراوة وخطورة، هي معركة تشويه السمعة وتزييف الحقائق. ضحية هذه المعركة القذرة هي نحن “القوات المشتركة” المنبثقة عن حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، وقواتنا هي التي هبت لمساندة الدولة ومنع انهيارها، لنجد أنفسنا في مواجهة حملة ممنهجة لتصويرنا كمليشيا نهب وقطع طرق، في لعبة سياسية خبيثة المستفيد الأكبر منها هو عدو السودان الأول: مليشيا الدعم السريع المتمردة.
منذ اللحظات الأولى لتدخلنا، عملنا نحن كقوات مشتركة على ملء الفراغ الأمني الذي خلفه انشغال الجيش السوداني بقتال المليشيا المتمردة. ففي مدن مثل الفاشر ونيالا والخرطوم والجزيرة وشرق السودان وغيرهم، انتشرنا لتأمين الأسواق وحماية المدنيين من عصابات النهب المنظم، وسعينا جاهدين لتأمين ممرات المساعدات الإنسانية، مقدمين نموذجاً للمسؤولية الوطنية في وقت عز فيه الرجال، ولاقت جهودنا هذه ترحيباً شعبياً واسعاً من المواطنين المكتوين بنار الحرب والفوضى.
لكن هذا الدور الإيجابي لم يرق للبعض. فجأة، وبشكل منظم، بدأت أبواق إعلامية ومنصات تواصل اجتماعي، يديرها ببراعة “الطابور الخامس” المتغلغل في مفاصل المجتمع، بضخ روايات تتهمنا نحن كقوات منظمة بارتكاب انتهاكات وجرائم نهب وترهيب. الهدف واضح وبسيط: اغتيال سمعتنا وضرب حاضنتنا الوطنية التي تمثل خط دفاعنا الأول، وتجريدنا من شرعيتنا الأخلاقية والوطنية.
إن المستفيد من هذه الحملة لا تخطئه عين. فمليشيا الدعم السريع، التي بنت وجودها على العنف والنهب والجرائم ضد الإنسانية، تجد في تشويه صورتنا كقوات مشتركة مصلحة استراتيجية كبرى. فمن خلال تصوير كل من يحمل السلاح بأنه مجرم، تسعى المليشيا إلى طمس حقيقتها ككيان متمرد وإجرامي، وتحاول أن تقول للعالم “كلنا لصوص”!، لتفلت من المحاسبة وتبرر جرائمها المروعة بحق شعبنا السوداني.
وهنا تكمن عبقرية الخطة الشيطانية التي ينفذها الطابور الخامس لصالح أسياده في الدعم السريع. تتمثل الخطة في عمليات “العلم الزائف”، حيث يتم تجنيد عناصر إجرامية، ومنحهم أزياء ومعدات عسكرية شبيهة بتلك التي نستخدمها نحن كقوات مشتركة، ثم الدفع بهم لتنفيذ عمليات سطو مسلح وترويع للمواطنين في الأحياء الآمنة. وبهذا، يتم إلصاق الجريمة بنا، وخلق حالة من الغضب والكراهية تجاهنا من قبل المواطنين المخدوعين.
إن المنطق يفند هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً. فكيف لنا كقوات هدفنا الأسمى هو تحقيق السلام والاستقرار لمناطقنا وللسودان ككل، أن ننخرط في أعمال تدمّر قاعدتنا الشعبية التي هي سر قوتنا؟! إن انحيازنا كقوات مشتركة للجيش والدولة هو قرارنا الاستراتيجي الذي يهدف إلى حماية الوطن، وأي عمل منهجي ضد المواطنين هو طعنة في ظهر هذا الهدف، وهو ما لا يمكن أن نقبل به كقيادات وطنية تدرك حجم المخاطر المحدقة بالبلاد، وسنعمل على الحد منه بكل الوسائل الممكنة.
إن هذه الحملة الخبيثة لا تستهدفنا ككيان سياسي عسكري فحسب، بل تستهدف بشكل أعمق وحدة السودان وتماسك نسيجه الاجتماعي. فمن خلال التركيز على الانتماءات القبلية والإثنية لبعض مرتكبي الجرائم (الحقيقيين أو المصطنعين)، يسعى مهندسو الفتنة إلى إشعال نار الكراهية بين مكونات شعوبنا السودانية، وتصوير الصراع وكأنه صراع قبلي، وهو ما يخدم أجندة التفتيت والتقسيم التي تعمل عليها مليشيا الدعم السريع منذ يومها الأول كأداة تدمير ونهب لدولة الإمارات.
إن الوعي هو السلاح الأمضى في مواجهة هذه الحرب القذرة. على كل مواطن/ة سوداني/ة غيور/ه أن يدرك أن ما يراه ويسمعه ليس بالضرورة هو الحقيقة الكاملة. يجب التمييز بين الأخطاء الفردية التي قد تحدث في أي تنظيم كبير، والتي تتطلب منا محاسبة داخلية صارمة، وبين الحملة الممنهجة التي تهدف إلى هدم مؤسسات الدولة وتشويه كل من يقف في وجه المشروع التدميري لمليشيا التمرد وعملائها في الداخل. إن الدفاع عن صورتنا كقوات مشتركة اليوم هو دفاع عن فكرة الدولة وسيادة القانون، ورفض قاطع لمشروع الفوضى والنهب الذي تريد مليشيا الدعم السريع فرضه على كل ربوع السودان.
وسلام.. يتبع
[ad_2]
Source


