بيان تأييد لحراك أهل تلودي
يا جماهير شعبنا الأبي في تلودي، ويا كل مواطن سوداني شريف،
في وقت يئن فيه السودان تحت وطأة حرب مدمرة، وتتفاقم فيه معاناة شعبنا الذي يواجه الموت والنزوح والجوع، تطل علينا من جديد أيادي الجشع الرأسمالي، مدعومة بتواطؤ السلطات، لتنهش ما تبقى من كرامة هذا الوطن وحياة أبنائه. إن ما يحدث في مدينة تلودي بولاية جنوب كردفان ليس مجرد حادث عابر، بل هو جريمة بشعة وممنهجة، تكشف عن وجه الرأسمالية المتوحشة التي لا تعرف حدوداً، وعن حجم الخيانة التي تمارسها السلطات بحق شعبها.
لقد تابع حزب الشعب، ببالغ الغضب والألم، الأنباء الواردة من تلودي، والتي تؤكد تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد شركات التعدين التي تستخدم مواد كيميائية خطيرة مثل السيانيد والزئبق. هذه المواد السامة، التي تُلقى بلا حسيب أو رقيب، تسببت في تلوث بيئي كارثي، وفي انتشار أمراض مستعصية ووفيات بين السكان. لقد أفادت التقارير مؤخراً عن وفاة 23 شخصاً وإصابة 145 آخرين في منجم التقولة بمحافظة تلودي نتيجة لهذه الممارسات. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي أرواح بشرية تُزهق، وعائلات تُدمر، ومستقبل يُسرق.
إن حزب الشعب يؤكد أن هذه الكارثة تعكس:
أولاً: شركات التعدين هذه، التي لا تبالي بحياة المواطنين ولا بسلامة البيئة، هي تجسيد حي لأبشع صور الرأسمالية المتوحشة. إنها تسعى لتحقيق أقصى الأرباح بأقل التكاليف، حتى لو كان الثمن هو تسميم الأرض والمياه، وقتل الأبرياء بالسيانيد والزئبق. إنها لا ترى في السودان سوى منجم ذهب يمكن استنزافه، ولا ترى في شعبه سوى عمالة رخيصة يمكن استغلالها، أو عوائق يمكن التخلص منها. إن بريق الذهب لا يجب أن يكون على حساب صحة وسلامة المواطن والبيئة.
ثانياً: استمرار هذه الشركات في العمل، رغم الأضرار الجسيمة التي تسببها، يشير بوضوح إلى وجود تواطؤ خطير من قبل السلطات. هذا التواطؤ، سواء كان بالإهمال المتعمد أو بالفساد المستشري، يمثل خيانة عظمى للأمانة الوطنية. إن منح التراخيص لهذه الشركات، وغض الطرف عن ممارساتها المدمرة، وعدم فرض الرقابة البيئية والصحية الصارمة، هو دعم مباشر لعمليات النهب المنظم التي تستنزف ثروات الوطن وتترك لشعبه الدمار والمرض.
ثالثاً: تلوث المياه والتربة بالسيانيد والزئبق، وانتشار الأمراض الخطيرة، يدمران المقومات الأساسية للحياة والتنمية المستدامة. هذا التدمير الممنهج يضعف قدرة السودان على التعافي والبناء، ويقوض جهود تحقيق الأمن الغذائي والمائي، ويجرد الوطن من ثرواته الطبيعية والبشرية، مما يرهن مستقبل الأجيال القادمة لمصالح حفنة من الطامعين.
وعليه، فإن حزب الشعب يطالب بالآتي، ويحذر من مغبة التراخي:
1. يجب إصدار قرار فوري بإيقاف عمل هذه الشركات في تلودي وفي كل أنحاء السودان التي تستخدم السيانيد والزئبق، وسحب تراخيصها، وتقديم المسؤولين عنها للعدالة بتهمة الإضرار بالصحة العامة والبيئة. لا يمكن المساومة على حياة المواطن وسلامة بيئته.
2. نطالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة وشفافة، تضم خبراء بيئيين وصحيين وقانونيين، لكشف كل المتورطين في هذه الجرائم من شركات ومسؤولين حكوميين، وتقديمهم إلى القضاء. يجب أن تشمل المحاسبة كل من تسبب في هذه الكارثة أو تواطأ عليها.
3. يجب على السلطات تحمل مسؤوليتها الكاملة في تعويض المتضررين من الأمراض، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، والبدء الفوري في خطة شاملة لإعادة تأهيل البيئة المتضررة من السيانيد والزئبق على نفقة الشركات المتورطة والمسؤولين المتواطئين.
4. ندعو إلى إعادة السيطرة الكاملة على قطاع التعدين، ووضع استراتيجية وطنية شفافة لإدارة الموارد الطبيعية، تضمن الاستفادة القصوى للشعب السوداني، مع الالتزام بأعلى المعايير البيئية والصحية، وتحصين ثرواتنا من النهب.
يا أهلنا في تلودي،
إن صمودكم ومقاومتكم هي الشرارة التي ستوقظ الوعي في كل ربوع السودان. حزب الشعب يقف معكم، ويدعم نضالكم، وسيعمل بكل قوة لإنهاء هذه الجرائم، وبناء دولة تحمي أرضها وشعبها، دولة لا تسمح لأي جشع رأسمالي أو تواطؤ سلطوي بأن يعبث بمستقبلها.
المجد لشعبنا الصامد، والخزي والعار لتجار الأوطان.
حزب الشعب السوداني
الخميس، 23 أكتوبر 2025م
#الطريق_الى_الوطن
Source


