قصة نفوذ أسقط الضمير!
رشان اوشي
في عهدٍ يقوده الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان”، الذي جعل من شعار العدل والشفافية نهجاً لإصلاح مؤسسات الدولة وتطهيرها من الفساد، يحق لكل مظلوم أن يرفع صوته، مطمئناً أن القيادة ستسمع، وأن العدالة ستصل.
هذا المقال ليس خصومة، بل صرخة حقّ نرفعها إلى سيادة القائد العام ورئيس مجلس السيادة، رجل المرحلة الصعبة الذي واجه التحديات بصبر القائد وحكمة رجل الدولة، مؤمناً بأن إصلاح الوطن يبدأ من إصلاح مؤسساته.
إنها مظلمة رجل أفنى أكثر من ثلاثين عاماً من عمره في خدمة الدولة والوطن، تنقّل خلالها بين المواقع والمهام بصدق وانضباط نادر، حتى وجد نفسه في مواجهة شبكة نفوذ داخل مؤسسة سيادية حساسة، بعدما حاول أن يُعيد الانضباط إلى بيت تسلّل إليه الفساد.
نضع أمام سيادتكم هذه الوقائع الموثقة بالمستندات والشهادات الرسمية.
بعد اندلاع الحرب في 2023، تم تعيين مدير عام جديد لسلطة الطيران المدني، ليقود إصلاحات طال انتظارها بعد سنوات من التسيّب الإداري.
لكن فور وصوله إلى بورتسودان، اكتشف أن السلطة مقسومة فعلياً إلى هيكلين متوازيين للطوارئ: أحدهما في عطبرة، والآخر في بورتسودان، وكأنهما دولتان داخل مؤسسة واحدة.
في قلب هذا الهيكل الغامض، وجدت “سكرتيرة” صدرت لها قرارات من المدير السابق تجعلها تجمع بين مناصب عدة:(مدير مكتب المدير العام – سكرتارية مجلس الإدارة – مقرر فريق عطبرة للطوارئ). والأخطر أنها كانت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة،إدارية، مالية وفنية دون صلاحية.وحين حاول المدير العام الجديد تصحيح الوضع وأنهى تكليفها، بدأت المعركة.
بعد إعفائها، ظهرت السكرتيرة في الإعلام بتصريحات غاضبة، وبعد ذلك هددت مديرها علناً قائلة:”انا لو ما شلتك من الكرسي ده… أحلق شعري”.
بعد وعيدها بساعات، تلقى المدير العام اتصالاً من مدير مكتب الرئيس اللواء “عادل” يستفسر فيه عن خلافات وتجاوزات مزعومة داخل السلطة.
وبعد ايام، وصل فريق من ديوان المراجع العام وقال انه مكلف بمراجعة أعوام 2023 و2024، لكنه تجاهل العام 2023 وهو العام الذي شهد نشاط عطبرة و”السكرتيرة” تحديداً ورفع تقريراً مبدئياً قبل إكمال عمل اللجنة.
الأخطر أن التقرير رُفع إلى مدير مكتب الرئيس بدلاً من الجهات المختصة بمجلس الوزراء، ثم كتب مدير المكتب بخط يده على هامشه:”إلى وزير الدفاع… يُقال المذكور ويُحاسب”.
في سابقةٍ تمثل تجاوزاً خطيراً لصلاحيات مدير مكتب رئيس مجلس السيادة.
عقب ذلك، قاد مدير المكتب حملة ضغط مكثفة على وزيري الدفاع ومجلس الوزراء لإقالة المدير العام.
استُجيب للضغوط،وتمت إقالة المدير، وبعد ذلك وشُكّلت لجنة تحقيق رسمية ضمّت ممثلين من وزارة العدل، المخابرات العامة، الاستخبارات العسكرية، وزارة الدفاع، وزارة العمل، وزارة المالية، سلطة الطيران المدني، مندوب السودان لدى الايكاو، وقد رفعت تقرير الى مجلس الوزراء برّأت المدير العام تماماً من الاتهامات.
تجاوز المدير العام امر اقالته، وحزم حقائبه مغادراً الى “القاهرة” حيث تقيم اسرته، تفاجأ في المطار بأنه محظور من السفر، عاد ادراجه، وبدأ رحلة البحث عن اسباب الحظر .
لاحقاً.. تم احتجازه دون تهمة رسمية، فيما وصفه محاموه بأنه “حبس تحفظي انتقامي”، وأثناء فترة حبسه، دُوِّنت ضده بلاغات تتعلق بـ موازنة عام 2024 وهي موازنة أُقرت رسمياً من مجلس الإدارة، ووزارة المالية، ووزارة الدفاع.(متوفر مستندات رسمية).
خرج المدير العام بكفالةٍ ماليةٍ ضخمة جمعتها اسرته واقاربه، ثم وُضع تحت حظر سفرٍ مجهول المصدر.
النائب العام نفى إصدار قرار الحظر وهيئة الجوازات قالت إن الحظر تم “بأمرٍ تلفوني” ، فيما نفى جهاز المخابرات علاقته بالأمر، (وفق إفاداتٍ رسميةٍ موثقة).
وفي المقابل، تم تجاهل تجاوزاتٍ ماليةٍ مثبتة على موظفين آخرين بقيادة “السكرتيرة”، صرفوا مبالغ سفرٍ دون سفرٍ فعلي، رغم وجود مستنداتٍ رسميةٍ تدينهم.
ما جرى داخل سلطة الطيران المدني ليس سوء إدارة، بل شبكة نفوذٍ مدعومةٍ من داخل مكاتب عليا، استخدمت نفوذ رئيس مجلس السيادة لتصفية حسابات شخصية، ومعاقبة من حاول الإصلاح.
سيدي الرئيس،إن العدالة التي تنشدونها هي روح الدولة وسندها، وهي التي تحفظ ثقة الناس في مؤسساتهم وقادتهم.
القضية التي بين أيديكم امتحانٌ لمبدأ العدالة نفسه، ونثق أن ميزانكم العادل سيعيد الحق إلى نصابه، وأن سماء السودان ستظل صافيةً من ظلمٍ أو غبنٍ، كما أردتم لها أن تكون.
في الحلقة القادمة:
“خطابات سيادية موجهة لسلطة الطيران المدني تحمل مطالبات مالية بمبالغ ضخمة تتجاوز اللوائح والنظم المتبعة.”
محبتي واحترامي.
Source