[ad_1]
في حديث جانبي مع أحد سفراء الدول العربية المقيمين بالخرطوم، خفض الرجل صوته وهو يتحدث عن عيوب الشخصية السودانية، فملتُ عليه مبتسمًا، فقال لي:
(سيجازي الله السودانيين خيرًا كثيرًا، لسبب بسيط ومدهش، وهو أنهم، من فرط أمانتهم، سيعيدون إليه كل الثروات التي منحها لهم في باطن الأرض وظاهرها، كاملة وسليمة، دون أن يأخذوا منها شيئًا)!
سحبتُ ابتسامتي بارتباك ومرارة، وفقدتُ القدرة على التعليق. كان حديثه بالغ الاستفزاز، مهينًا في جوهره، رغم أنه جاء مموهًا بروح الطرافة، مغلفًا بغطاء دبلوماسي ناعم الملمس!
قررتُ في تلك اللحظة الابتعاد عن مجلسه، وقلتُ في نفسي: حتى صفة الأمانة، التي غدت السمة الوحيدة التي نسوق بها أنفسنا في أسواق العمل الخليجية، لم تسلم من التحوير والاختراق؛ لتحوّل من مزية تفضيلية إلى صفة ازدراء سلبية، تؤكد في نظر البعض الخمول والكسل!
في زياراتي المتكررة إلى دول عربية، كان أكثر ما يحزنني تراجع أسهم السودانيين في سوق العمل، في مقابل صعود مواطني دول أخرى!
فالأخبار والصور وتقارير المنظمات الدولية، والخيبات السياسية، والانكسارات الرياضية، لم تترك لأي سوداني مساحة ليعرّف بنفسه وجنسيته دون أن يلوذ ببصره بعيدًا عن أعين محدثيه!
وفي كثير من الأحيان، لا يجد السوداني ملاذًا يحتمي به من استفزازات البعض، أو شفقة الآخرين، سوى التاريخ (نحن زمااان كنا وكنا وكنا)..!
[ad_2]
Source


