عماد الدين ميرغني يكتب : عندما ضاع الإنسان ضاع السودان !! الجزء الثاني
مقدمة:
نشر الكاتب البرازيلي باولو كويلو في إحدى مدوناته قائلاً:
“كان الأبُ يحاول قراءةَ الجريدة، لكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته، وحين تعب الأبُ مِن ابنه قام بقطع جزء من الصحيفة كان يحتوي على خريطة العالم، ثم مزّقها إلى قِطع صغيرة وقدّمها لابنه طالباً منه إعادة تجميعها، ثم عاد لقراءة صحيفته، ظناً منه أن الطفل سيبقى مشغولاً بقيةَ اليوم، إلا أنه سرعان ما عاد إليه وقد أعاد ترتيبَ الخريطة، فتساءل الأب مذهولاً: هل كانت أمُّك تعلمك الجغرافيا؟ ردَّ الطفل قائلاً: لا، لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدتُ بناء الإنسان، أعدتُ بناءَ العالم”.
العبارة الأخيرة التي قالها الطفل بحسب رواية باولو كويلو “عندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم” كانت عفوية، لكنها من أكثر المعاني عمقاً بالنسبة لكل من يتناولها في مقصده عن الإنسان الذي يعيش في هذا الكوكب.
أما في السودان، فما يزال المشهد يجعل موقع الإنسان مبني للمجهول، وهنا يطرح السؤال نفسه أين موقع الإنسان في السودان؟.
بقلم : عماد الدين ميرغني
لم تكن سياسات الدولة في السودان تهدف إلى حفظ كرامة الإنسان في المقام الأول ومن ثم تعليمه وتطويره، إذ أن هذه السياسات كان هدفها احتكار السلطة والثروة، فأهملت جوانب عديدة كان من شأنها أن تعلّي من شأن الفرد السوداني وبالتالي تساهم في تطوير الاقتصاد، أولها التعليم والصحة، ومن ثم التدريب.
والعالم من حولنا يشهد العديد من النماذج الاقتصادية الأنجح، اهتمت بالإنسان في المقام الأول. منها استونيا، التي وصلت إلى نسبة 100% في تعليم سكانها بعد انفصالها من الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وسنغافورة هي الأخرى التي كانت من أفشل الدول في العالم بعد استقلالها عام 1965، إلا أنها انتهجت كافة السياسات التي ترفع من شأن إنسانها بالتعليم والتدريب، ووضع سياسات جذب للاستثمارات بالتعاون مع القوى العاملة الماهرة، وتصنف في المركز الأول في مؤشر رأس المال البشري للبنك الدولي (برقم 0.88 من 1).
وكذلك كوريا الجنوبية التي تُعتبر حالياً ثالث أكبر مصدّر للتكنولوجيا في العالم، نهضت من اقتصاد مدمر عام 1950، ويقدر ناتجها المحلي بتريلونات الدولارات بالتزامن مع انعدام نسبة الأمية في كوريا الجنوبية تماماً.
ما زال المشهد في السودان يعكس تلك التعقيدات التي تؤشر إلى احتمالية استمرار الحرب، ولكن وفي حال أن قرر الجميع الجنوح للسلم، فإنه لا قيمة للسلام من دون وضع إنسان السودان في المقام الأول ضمن أولويات الدولة المراد بناءها، إذ أن بناء الإنسان يعني بناء العالم كما قاله الطفل في رواية باولو كويلو.
ولهذا البناء مباحث أخرى
وللحكاية بقية…..
#احنا_بنستحق_السلام
#العدالة_المصالحة
Source