#مجلس_القضاء
لقد تجاوز مجلس السيادة كافة الخطوط الحمراء بضربه المتعمَّد والسافر لمبدأ الفصل بين السلطات.
فالإصرار المبيت على ترويض مرفق العدالة وتحويل القضاء الدستوري إلى مجرد أداة بيد السلطة التنفيذية هو عملية هدم متعمد وممنهج لآخر معاقل الإنصاف.
فمنذ عقود وحتى العام 2019م ، كانت القواعد الدستورية كما في دستور 2005م ،تمنح مجلس القضاء العالي الصلاحية في ترشيح وتنسيب قادة القضاء، من رئيس القضاء إلى أعضاء المحكمة الدستورية.
كانت هذه الصلاحيات تشمل الإدارة الشاملة لشؤون القضاة، من التثبيت والترقية إلى التأديب والمحاسبة، مما يضمن قدراً من الاستقلال الذاتي للسلطة القضائية.
لكن المأساة تكمن في أن هذا المجلس الذي هو صمام الأمان للقضاء أُبقي مغيباً ومشلولاً عمداً.
وعندما انتُزعت عنه صلاحياته لتُمنح سلطة التعيين المطلقة للمحكمة الدستورية إلى مجلس السيادة، فإننا نشهد تتويجاً للهيمنة الحديدية على قمة الهرم القضائي.
كيف يُعقل أن يُصبح الخصم هو ذاته الحكم؟
مجلس السيادة ليس كياناً محايداً، بل هو طرف أصيل في المنازعات الدستورية المتعلقة بشرعية سلطته وقراراته.
وعندما ينفرد باختيار (حارس الدستور) الذي سيحاسبه، ستصبح المحكمة الدستورية مجرد ملحق إداري يختص بتزويق قرارات السلطة وتبريرها.
هذا المسلك لا يُنتج عدلاً، بل يُرسخ الفساد السياسي ويُجرد المواطن من أي حصن لحماية حقوقه وحرياته.
إن التعيينات التي تنتظرها المحكمة الدستورية تحت ظل هذه الهيمنة لن تُسفر إلا عن محكمة مشوهة، فاقدة لحيادها ومهابتها.
الواجب الوطني والأخلاقي يفرض علينا بصوت عالٍ ، رفض هذه الهيمنة المتغطرسة.
فليرفع مجلس السيادة يده فوراً عن القضاء، فاستقلاله هو خط الدفاع الأخير الذي يفصل بين الدولة واللا دولة.
المستشار/ محمد السر مساعد
Source