« الجريدة » هذا الصباح … الواقع أكثر مأساوية مما تعلنه التقارير …. مجاعةٍ تُستخدم كسلاح، ونساءٍ يُستهدفن بالعنف الجنسي، وأطفالٍ يموتون جوعًا ومرضًا، بينما يخيّم الصمت الدولي على المدينة المحاصرة منذ عامين
حوار مع رئيس تجمع روابط دارفور بالمملكة المتحدة، المهندس عبد الله أبوقردة، لـ”الجريدة”
الفاشر اليوم تعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ العالم
الواقع أكثر مأساوية مما تعلنه التقارير. هناك مئات الجثامين لم تُدفن بعد، وآلاف الأسر المفقودة.
العنف الجنسي يُستخدم كسلاح، و80% من النساء والأطفال متأثرين بالأحداث في الفاشر
ما يؤلم أن الجرائم نفسها لا تزال تُرتكب يوميًا في دارفور
أجرت الحوار: فدوى خزرجي
واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم تتكشف اليوم في دارفور بشكل عام وفي الفاشر بصفة خاصة، «الواقع أكثر مأساوية مما تعلنه التقارير، هناك مئات الجثامين لم تُدفن بعد وآلاف الأسر المفقودة»، يقول عبد الله قردة، رئيس تجمع روابط دارفور ببريطانيا، في حوارٍ مع الجريدة.
من بين الركام، يرفع قردة صوته حاملًا شهادة من الداخل عن مجاعةٍ تُستخدم كسلاح، ونساءٍ يُستهدفن بالعنف الجنسي، وأطفالٍ يموتون جوعًا ومرضًا، بينما يخيّم الصمت الدولي على المدينة المحاصرة منذ عامين.
الوضع في دارفور… مأساة بلا نهاية
يصف قردة الوضع العام في دارفور بأنه مأساوي للغاية، حيث يعيش السكان تحت حصار دائم وانعدام كامل للخدمات الأساسية، وسط مجاعة خانقة وأمراض متفشية.
ويقول: «المدنيون يعيشون في خوف وجوع ومرض، والنساء والأطفال هم الأكثر تضررًا، بينما تواصل المليشيات ارتكاب جرائم القتل والعنف الجنسي والتطهير العرقي يوميًا».
الفاشر… مدينة محاصرة منذ عامين
يتحدث قردة عن المشهد في مدينة الفاشر قائلًا إنّ الحصار المستمر منذ عامين حوّلها إلى مدينة منكوبة: «المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية مثل الغذاء والدواء والمياه لا تصل إلى المدينة، ما فاقم الأوضاع المعيشية حتى وصلت إلى المجاعة».
ويضيف أن المستشفى الوحيد الذي يقدم العلاج تعرض للقصف مرارًا من قبل مليشيا الدعم السريع، في ظل صمت دولي رغم صدور قرار مجلس الأمن رقم 2736 الداعي إلى فك الحصار وحماية المدنيين.
ويصف الوضع الإنساني بأنه كارثي بكل المقاييس، ويؤكد ضرورة تحرك عاجل لإنقاذ ما تبقى من الأرواح.
عامٌ أسوأ من كل الأعوام
وعن مقارنة الوضع الحالي بالعام الماضي، يقول قردة: «الدمار اليوم أشد، وعدد الضحايا والنازحين تضاعف، لا غذاء ولا دواء ولا ممرات آمنة. الفاشر الآن تعيش أسوأ أزمة إنسانية في تاريخها».
تفشّي الأوبئة… الكوليرا والملاريا تعود بقوة
يشير قردة إلى أنّ الملاريا، رغم كونها متوطنة، تفشّت بشكل غير مسبوق بسبب غياب المكافحة وتكدس النازحين.
كما يؤكد رصد منظمة الصحة العالمية لتفشي الكوليرا في المدينة ومخيمات النزوح، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل، نتيجة لتلوث المياه وانعدام الصرف الصحي.
يقول قردة.«وجهنا نداءً عاجلًا للمجتمع الدولي لتنفيذ قرار مجلس الأمن، والسماح بدخول المساعدات واللقاحات لإنقاذ الأرواح»،
انتهاكات جسيمة وجرائم موثقة
يروي قردة أن الانتهاكات ضد المدنيين أصبحت ممنهجة وموثقة بالأدلة، ويقول:
«مليشيا الدعم السريع قصفت مركز إيواء في جامعة أم درمان الإسلامية، فقتل 57 نازحًا بينهم 22 امرأة و17 طفلًا، كما استهدفت مسجدًا أثناء صلاة الفجر فقتلت 75 مصليًا، بينهم الملك شريف آدم الطاهر».
ويضيف أن الجناة أنفسهم ينشرون مقاطع توثّق أفعالهم «في تحدٍّ سافر للقانون الدولي».
جرائم تتكرر منذ 2003
يربط قردة بين الجرائم الحالية وما حدث في دارفور منذ بداية الصراع:
«كنا الأسبوع الماضي في لاهاي أثناء محاكمة علي كوشيب، الذي أُدين بـ30 جريمة ضد المدنيين، لكن ما يؤلم أن الجرائم نفسها لا تزال تُرتكب يوميًا في دارفور».
ويعدد أنواع الانتهاكات المستمرة: القتل الجماعي، العنف الجنسي، الاعتقالات التعسفية، النهب، التهجير القسري، والتطهير العرقي.
صمت يضاعف ألم الضحايا
يتحدث قردة بأسى عن معاناة ضحايا العنف الجنسي في الإبلاغ أو الحصول على الدعم:
«النساء والفتيات يعانين من الخوف والوصم الاجتماعي ونقص الخدمات الطبية والنفسية، ولا توجد أي مراكز تقدم لهن الدعم أو العلاج حالياً، بعد أن دُمّرت المستشفيات وتعطلت أنشطة المنظمات بسبب الحصار».
ويشير إلى أن العنف الجنسي يُستخدم كسلاح في الحرب، وأن 80% من المتأثرين بالأحداث في الفاشر هم من النساء والأطفال.
مبادرات محدودة وحصار يخنق العمل الإنساني
رغم الصعوبات، أطلق تجمع روابط دارفور مبادرات توعية ودعم نفسي في الفاشر، إلا أن الحصار حال دون تنفيذها.
«الاستجابة المحلية والدولية ضعيفة جدًا، والمؤسسات الرسمية غائبة تمامًا»، يقول قردة.
لا أرقام دقيقة… والمأساة أكبر من التقارير
يؤكد قردة أنه لا توجد إحصاءات رسمية لعدد القتلى أو الجرحى أو النازحين، بسبب انقطاع الاتصالات وصعوبة الوصول الميداني.
«لكن الواقع أكثر مأساوية مما تعلنه التقارير. هناك مئات الجثامين لم تُدفن بعد، وآلاف الأسر المفقودة».
البرلمان البريطاني يناقش… والفاشر تستغيث
يتحدث قردة عن نقاشات داخل البرلمان البريطاني ركزت على الانتهاكات الجسيمة في الفاشر، ويضيف:
«طالبنا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف الإبادة الجماعية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2736، وضمان حماية المدنيين ومحاسبة الجناة».
كما شدد على أهمية دور السودانيين في الخارج في الضغط من أجل العدالة والسلام.
المطلوب الآن: ممرات آمنة وعدالة عاجلة
يختم عبد الله قردة حديثه برسالة قوية للمجتمع الدولي:.
«ما نحتاجه الآن هو فتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الغذاء والدواء، حماية النساء والأطفال من الانتهاكات، ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية دون تأخير».
✦ وَغَمْضُ العَيْنِ عن شَرٍّ ضَلالٌ وغَضُّ الطَّرْفِ عن جَوْرٍ غَبَاءُ
#شبكة_رصد_السودان
Source