حـزب المؤتمر السـوداني
بيان من أمانة حقوق الإنسان والشؤون القانونية بشأن الانتهاكات ضد سكان “الكنابي”وتحذير من جريمة إبادة جماعية وشيكة
إلى الشعب السوداني المناضل والمجتمع الدولي ؛
في ظل الحرب المستمرة التي تعصف بوطننا الحبيب، والتي ألحقت به دماراً اجتماعياً وإنسانياً واقتصادياً غير مسبوق، بات من الضروري التوقف عند الانتهاكات الجسيمة التي يتعرّض لها سكان “الكنابي”، إحدى أكثر الفئات ضعفاً وتهميشاً في السودان. إنّ ما يحدث بحق هؤلاء المواطنين لا يمكن وصفه إلا بأنّه سلسلة من الجرائم ضد الإنسانية والتي تتسارع لتتطور إلى إبادة جماعية في حال استمرار الأوضاع الراهنة.
إننا في أمانة حقوق الإنسان والشؤون القانونية بحزب المؤتمر السوداني، وبناءً على ما ورد في التقارير الحقوقية والإعلامية الموثوقة، نطلق هذا البيان استناداً إلى مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى رأسها “اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” لعام 1948 و”الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” لعام 1948، و”العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” لعام 1966.
الجرائم والانتهاكات :
تشير الأدلة والشهادات إلى تعرُّض سكان “الكنابي” في ولاية الجزيرة وغيرها من المناطق إلى انتهاكات جسيمة تشمل ولا تقتصر على:
– القتل العمد والتصفية الجسدية، وهو ما يصنف كجريمة قتل خارج نطاق القانون، وفقاً للفقرات (١)، (٢)، (٣) من المادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
– التهجير القسري والحرق المتعمد لمنازلهم، وهو انتهاك صارخ للمادة (17) من العهد ذاته، التي تحظر التدخل التعسفي في السكن.
– خطاب الكراهية والتحريض الإثني، الذي يعزّز الانقسام الاجتماعي ويؤدي إلى جرائم الإبادة الجماعية، وهو ما يتعارض مع المادة (4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965.
– المعاملة الإنسانية القاسية والحجر على الحرية والاعتقال التعسفي بما يخالف مقتضى المادتين (٧) و (٩) من العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان
إن هذه الانتهاكات ليست أعمالاً معزولة، بل تأتي ضمن سياق ممنهج يشكل استهدافاً عرقياً وإثنياً واضحاً، إذ يُتهم سكان “الكنابي” بوجهِ عام لا تخصيص فيه بموالاة أحد أطراف النزاع – قوات الدعم السريع- من غير اتّباع أيّ إجراءات قانونية تؤكد التهمة أو تنفيها، مما جعلهم عرضة للانتقام الجماعي من قبل القوات المسلّحة السودانية والقوات والجماعات المقاتلة المتحالفة معها.
تحذير من الإبادة الجماعية :
إنّ ما يجري في السودان، وبخاصة في حق سكان “الكنابي”، يحمل جميع المؤشّرات الخطرة التي تسبق وقوع إبادة جماعية، وفقاً لما حدّدته الأمم المتحدة في “إطار التحليل لمنع الإبادة الجماعية”. وتشمل هذه المؤشرات:
1. الوصم الجماعي لفئة معينة بناءً على انتمائها الإثني أو الجغرافي
2. تصاعد خطاب الكراهية الذي يدعو صراحة إلى إزالة تجمعات “الكنابي”.
3. الاعتداءات المنظّمة التي تستهدف تجمعاتهم السكنية ومواردهم الأساسية.
إن استمرار هذه الممارسات دون تدخُّل فعّال من المجتمع الدولي وأطراف النزاع سيؤدّي إلى كارثة إنسانية تضاف إلى سجل السودان المأساوي.
المطالب القانونية والإنسانية:
استناداً إلى مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان وواجبات الدولة السودانية بموجب الإتفاقيات الدولية، ندعو إلى ما يلي:
1- وقف فوري لجميع أشكال العنف ضد سكان “الكنابي”: ندعو القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وجميع القوات والجماعات المقاتلة المتحالفة معهما إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، ووقف استهداف المدنيين بمن فيهم سكان “الكنابي”، الذين لا علاقة لهم بالنزاع المسلح.
2- فتح تحقيق مستقل وعاجل : نطالب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة بحق سكان “الكنابي”، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عنها.
3- حماية سكان “الكنابي” وضمان حقوقهم : ندعو كل الأطراف المتحاربة إلى ضمان حق سكان “الكنابي” في السكن الآمن والحياة الكريمة، بعيداً عن التهديد والتمييز. كما ندعو ونطالب بتفعيل الالتزامات بموجب “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” لعام 1966.
4- التوقف عن خطاب الكراهية والتحريض الإعلامي: ندعو جميع الأطراف السياسية، الإعلامية، والدينية إلى الامتناع عن التحريض ضد سكان “الكنابي”، وضمان احترام الحقوق الأساسية لهم، بما يتماشى مع المادة (20) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر أي دعاية للكراهية القومية أو العنصرية.
5- إطلاق عملية سلام شاملة : إننا نؤكّد أنّ الحرب الحالية لن تُنتج سوى المزيد من الضحايا والانقسامات. وندعو جميع الأطراف إلى وقف القتال فوراً، والجلوس إلى طاولة تفاوض تضمن تحقيق سلام شامل ومستدام، يُعالج جذور النزاع ويصون حقوق جميع مكوّنات المجتمع السوداني.
دعوة إلى المجتمع الدولي :
نناشد المجتمع الدولي، وبخاصّة الأمم المتحدة، الإتّحاد الأفريقي، والهيئات الإقليمية، تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية في حماية سكان “الكنابي” وغيرهم من الفئات المستضعفة في السودان. إنّ الصّمت تجاه هذه الجرائم يُشجّع على ارتكاب المزيد من الانتهاكات ويعزّز ثقافة الإفلات من العقاب.
رسالة أخيرة :
إنّ استهداف سكان “الكنابي”، الذين يمثلون شريحة كادحة تسهم في بناء الإقتصاد السوداني، هو جريمة ضد الإنسانية ووصمة عار على جبين كل من يسعى لتشويه النسيج الاجتماعي لهذا الوطن. ندعو الجميع إلى الوقوف بحزم ضد هذه الممارسات، والعمل معاً من أجل سودان يحترم حقوق الإنسان ويصون كرامة كل مواطن.
أمانة حقوق الإنسان والشؤون القانونية
13 يناير 2025
Source by حزب المؤتمر السوداني