الجريدة هذا الصباح..
هل يشتري البرهان العصا الأمريكية بمنح واشنطن ما كان يعرضه في السوق الروسية مقابل “سلام رحيم” أم أن الدوائر العدلية الدولية لن تتوقف عن ملاحقته!!
أطياف صباح محمد الحسن
التسوية!!
طيف أول:
لحظة ناجَتْ كل هلعٍ غمسه السعور في شبه الضمير!
وذكرنا بالأمس أن قمة شرم الشيخ كشفت أن الحل قد حُسم أمره من قبل الرباعية، عبر الورقة النهائية التي ستقود الرحلة إلى طريق السلام.
و ناقش لقاء الجنرالين السيسي والبرهان أمس تطورات الأوضاع الميدانية في السودان، والجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى وقف الحرب وتحقيق الاستقرار، وأكدا أهمية «الآلية الرباعية» بوصفها مظلة للسعي إلى تسوية الأزمة السودانية، ووقف الحرب، وتحقيق الاستقرار المطلوب؛ حيث أعرب الرئيسان عن تطلعهما لأن يسفر اجتماع «الآلية الرباعية» الذي سيُعقد في واشنطن خلال الشهر الحالي عن نتائج ملموسة بغية التوصل إلى وقف الحرب وتسوية الأزمة.
وهنا تتجلى المعاني الحقيقية للدور المصري في دعم بيان الرباعية، وهي مهمة دول الإقليم لتسويق الاتفاق ، والعمل على عدم السماح بإسقاط بنوده إلا على أرض الواقع.
سيما أن مصر هي اليد التي تمسك بالجنرال، فتأثيرها على إنجاح خطة السلام تستمده من تأثيرها عليه، وإن رفعت يدها عن دعمه سياسيًا وعسكريًا، فلن يتبقى له من القوة ما يكفيه للتشبث بالاستمرار في الحرب.
لذلك فإن لقاء ترامب والسيسي لطالما ارتكز على أساس الرباعية بصفتها الآلية المناسبة للحل في السودان، فإن الجنرال البرهان ليس أمامه سوى القبول بالورقة الأمريكية.
والمطلع على البيانات الرسمية التي حملت تفاصيل ما دار في اللقاء بين السيسي والبرهان، يجد أن كاتب البيانات بلسان المؤسسة العسكرية السودانية ما زال يمارس “خيانة النص”، ويحاول أن يخفي نقاطًا مهمة، وهي هواية ظل يمارسها في كل لقاءات البرهان الخارجية، ودائمًا ما يفضحه الطرف الخارجي؛ فالبيان السوداني تجاهل ذكر الرباعية في اللقاء، بينما البيان المصري ذكرها وأكد أنها كانت محور النقاش.
والبرهان، منذ لقاء مسعد بولس بواشنطن، لا يرفض الرباعية، لكنه يحاول شراء ضمانات. وظل يبحث في مكتبه عن وساطة للبيت الأبيض تكفيه شر العقاب، أو تبقيه على قيادة الجيش بعد تنفيذ اتفاق وقف الحرب، وهو الأمر الذي يسعى إلى تحقيقه عبر حلفائه في المنطقة.
لذلك، وإن رأت أمريكا أن البرهان سيضمن لها تحقيق مصالحها في السودان على حساب دول أخرى، فلن تتردد في توقيع صفقة معه؛ فقد ذكرنا من قبل أن سياسة ترامب في حسم القضايا الدولية، سيما الحروب، تقوم على الصفقات أكثر من الصفعات.
فهل يشتري البرهان العصا الأمريكية بمنح واشنطن ما كان يعرضه في السوق الروسية؟ مقابل “سلام رحيم” بلا عقوبات؟
أم أن الدوائر العدلية لن تتوقف عن ملاحقته!!
فالاجتماع التشاوري السنوي المشترك بين أعضاء مجلس الأمن ومجلس السلم في أديس أبابا، الذي سينعقد في 17 أكتوبر 2025، يركز في جلسته على معالجة الأسباب الجذرية لتصاعد التهديد الإرهابي في المنطقة. وهو المحور الأساسي من محاور مشاورات المجلسين، والذي يعمل على صياغة بند كامل لقضية الإرهاب في منطقة الساحل وامتداداتها. هذا البند يشكل مصدر قلق للعديد من الدول، سيما تلك التي تواجه تهديدات مستمرة للملاحة في البحر الأحمر.
إذن، لا سبيل للهروب من طريق “الاتجاه الواحد” الذي لا بد أن يسلكه البرهان؛ فالبرهان كان يمكنه أن يسير فيه دون أن يأخذ أحد بيده، فأمريكا خصصت له طائرة نقلته من بورتسودان إلى واشنطن. فإن كان الأمر مجرد الوصول إلى سلام وتفاوض، لوافق عليه بلا وساطة، لكنه يقف في منتصف الطريق منذ بداية الحرب، بسبب جرائمه التي يعلم أن نهاياتها غير آمنة. وتمسك البرهان بمنصب قائد الجيش هو ما يريد الحصول عليه، بعد أن علم أن حكمه للسودان لم يكن إلا مجرد أضغاث أحلام؛ فطموحه السياسي سيُجبر على التخلي عنه، لكنه يريد تعويضه بحلمه العسكري على شاكلة (المال تلتو)، لذلك سيظل يدفع لأجله الغالي والنفيس
فمثلما قدم الذهب والمعادن ثمنًا لحربه، قد يضطر إلى دفع ذات الأثمان ليشتري سلامًا بلا عقوبة!
طيف أخير: #لا_للحرب
الفلول، كلما شعرت أن المركب تسبح عكس تيارها، تحاول جرها بحبل القضايا الانصرافية البالية. فربما تكشف الأيام القادمة من الذي تحكمه الضرورة للجلوس مع الآخر: الجنرال أم القوى المدنية الداعمة للسلام!
#شبكة_رصد_السودان
Source