[ad_1]
« الجريدة » هذا الصباح … «لننقذ من بقي قبل أن يغادروا هم أيضًا.
قبل أن يُصبح المستشفى أطلالًا، والمهنة ذكرى، والوطن مقبرةً للضمير.»
حين تنام الكرامة على سريرٍ مكسور
في السودان، لا يبدأ الطبيب يومه في المستشفى…
بل في معركةٍ يومية مع الحشرات، والرطوبة، والمياه الراكدة.
رصد الجريدة – فدوى خزرجي
بهذه الكلمات المؤلمة لخّص الطبيب أحمد الليثي واقعًا يُشبه الكابوس، يعيشه مئات الأطباء في ما يُسمّى رسميًا بـ«سكن الأطباء» — بينما هو في الحقيقة أقرب إلى مستنقعٍ مهجور منه إلى مسكنٍ آدمي.
«السكن» الذي يسرق الكرامة
يقول الليثي إن الصور المنتشرة مؤخرًا لا تُظهر إلا جزءًا بسيطًا من المأساة.
في غرفٍ متهالكة، ينام أطباء أنهكهم السهر على أسِرّة صدئة بلا فراشٍ يليق بكرامتهم.
«الرطوبة تتسلّل إلى كل شيء… حتى الكرامة»، يقول الطبيب بأسى.
دورات مياه متآكلة، روائح خانقة، جدرانٌ تودّع الحياة.
وفي المطابخ، أدوات طهوٍ صدئة قرب مياه آسنة، وحفر مكشوفة تتجمّع فيها المياه لتتحول نهارًا إلى بؤر بعوض، وليلاً إلى كوابيس.
الطبيب… منقذ الآخرين وضحية الإهمال
«كيف يعيش طبيبٌ يقضي نهاره في إنقاذ الأرواح داخل سكنٍ لا يصلح حتى للحيوانات الضالة؟»
«أيّ حافز ننتظر منه وهو يعود كل مساءٍ إلى مكانٍ يفتقر لأبسط مقومات الإنسانية؟»
بين ضغط الحرب وتهاوي النظام الصحي، أصبح الطبيب في السودان ضحية مزدوجة:
يُطالب بأن يُعالج الآخرين بابتسامة، بينما يعيش هو في بيئةٍ تُهين كرامته كل يوم.
كرامة تغرق في حفرة ماء
صورة واحدة كافية لهزّ الضمير: حفرة ماءٍ راكد أمام غرفة طبيبٍ أنهكه العمل.
«ليست القضية رفاهية، بل قضية حياة»، يقول الليثي.
«كيف نثق في نظامٍ صحيّ إذا كانت بيئة الطبيب نفسها موبوءة بالإهمال؟»
فالصحة — كما يوضح — لا تبدأ في المستشفى، بل من المكان الذي يعيش فيه الطبيب.
وإذا كانت بيئته غارقة في القذارة والذل، فكيف ستكون بيئة المريض؟
نداء أخير إلى الدولة… وإلى الضمير
يوجه الليثي نداءً قاسيًا إلى وزارة الصحة وكل الجهات المعنية:
«إذا عجزتم عن توفير حياة كريمة للطبيب، فلا تتحدثوا عن نهضةٍ صحية.»
ويحذر من موجة الهجرة المتصاعدة:
«إن لم يُعالج هذا الوضع، فستظل الهجرة الحل الوحيد أمام الأطباء، والكارثة الكبرى على الوطن.»
مناشدة إلى أطباء المهجر
وفي ختام حديثه، يوجه الليثي رسالة مؤثرة إلى زملائه الأطباء في الخارج — في بريطانيا، كندا، الخليج، وأستراليا:
«زملاؤكم في الداخل لا يملكون سوى ضميرهم وبعض الأمل… فلا تتركوهم وحدهم.»
«كل دعم، مهما كان بسيطًا، قد يصنع فرقًا في حياة طبيبٍ ومريض.»
ثم يختم بصوتٍ يختلط فيه الغضب بالحزن:
«لننقذ من بقي قبل أن يغادروا هم أيضًا.
قبل أن يُصبح المستشفى أطلالًا، والمهنة ذكرى، والوطن مقبرةً للضمير.»
✦ وَغَمْضُ العَيْنِ عن شَرٍّ ضَلالٌ وغَضُّ الطَّرْفِ عن جَوْرٍ غَبَاءُ
#شبكة_رصد_السودان
[ad_2]
Source


