[ad_1]
حين تخون الكلمة الخبر وتربك الحقيقة
د. ياسر محجوب الحسين
تستخدم بعض المنصات الإخبارية السودانية، التي تتخذ موقفاً وطنياً من حرب مليشيا الدعم السريع الإرهابية، تعابير ومصطلحات في تغطيتها لأخبار الجيش — في الغالب دون قصد — تحمل أثراً سلبياً في الوعي العام. فمثلاً، حين يُورد خبر بصيغة “الجيش يشن غارات على تمركزات المليشيا في نيالا”، قد يُوحي ذلك خطأً بأن الطرفين متكافئان، أو بأن الدولة تشن حرباً على جزء من شعبها، وهو ما يُضعف من الشرعية المعنوية لسلطة الدولة في نظر المتلقين، خاصة في الخارج.
إن اختيار المصطلحات في الإعلام ليس مسألة لغوية فحسب، بل هو فعل تواصلي ذو أبعاد سياسية وأخلاقية، إذ تسهم الألفاظ في تشكيل الانطباع العام وتوجيه الرأي العام نحو فهمٍ معين للحدث. فعبارة مثل “يشن غارات” تحمل عادةً دلالات عسكرية هجومية تُستخدم في سياق صراع بين جيوش أو في عمليات قصف على مناطق مدنية. لذلك، فإن استخدامها لوصف عمليات الجيش الوطني ضد جماعات مسلحة خارجة عن القانون، يُعد غير دقيق من الناحية المهنية والسياقية.
والأولى في مثل هذه الحالات استخدام تعابير مثل: “ينفذ عمليات أمنية”، أو “يقوم بعمليات تمشيط”، أو “يستهدف أوكار الجماعات المسلحة”. فهذه الصيغ تُبرز أن الفعل صادر عن جهة شرعية تعمل على استعادة النظام وإنفاذ القانون، لا عن طرف في حرب متكافئة.
إن ضبط اللغة الإعلامية في مثل هذه السياقات يعزز المصداقية المهنية، ويحمي الخطاب العام من الالتباس أو التسييس غير المقصود، ويُسهم في ترسيخ صورة الدولة كجهة مسؤولة تسعى إلى فرض النظام وحماية المواطنين.
[ad_2]
Source


