[ad_1]
#الجحود_السياسي
تُعد العلاقة بين القيادة السياسية والقوى التي تدافع عن الوطن سواء كانوا جنوداً في الميدان أو قادة سياسيين أو قادة رأي عام والذين يدعمون في شرعية الدولة هي علاقة مقدسة مبنية على الثقة المتبادلة والتقدير.
ولكن عندما تتحول هذه العلاقة إلى جحود ونكران للجميل خاصة من قبل قيادات الدولة تجاه من يقاتل الأعداء والمتمردين فإن ذلك ينذر بكارثة حقيقية تهدد كيان الدولة ووحدتها.
إن الجحود السياسي يعتبر سلوكاً متناقضاً ومُضِراً تمارسه قيادة الدولة تجاه الوطنيين، فبينما يعرض الوطنيين حياتهم للخطر ويقدموا التضحيات الجسام في سبيل حماية الوطن من الأعداء والخارجين عن القانون من متمردي الدعم السريع ومن يساندهم.
تُقدم قيادة الدولة على إبعاد قياداتهم السياسية الوطنية عن المشورة والمشاركة في رسم ملامح إدارة الدولة، وبالمقابل تظهر ذات القيادة تسامحاً وتماهياً مع الداعمين للمتمردين بل وتسعى إلى إشراكهم في حكم الدولة.
هذه الحالة في العرف السياسي يمكن أن توصف بأنها الخيانة العظمى للعهد أو الانقلاب على الشرعية الأخلاقية.
كما يمكن أن تصنف ضمن مفهوم البراغماتية السلبية أو الانتهازية السياسية، حيث تقدم المصالح قصيرة المدى من خلال تطويل أمد المعركة لضمان المكوث في كرسي الحكم لأطول فترة ممكنه، على القيم والمبادئ الأساسية كتقدير التضحيات والحفاظ على وحدة الصف الوطني.
وفي بعض الأحيان يمكن أن يندرج هذا السلوك تحت مسمى الاسترضاء المذل أو التقارب المشبوه، خاصة إذا كان الدافع وراء التماهي مع الداعمين للمتمردين ليكونوا جزءاً من صنع مستقبل السودان من خلال التشاور معهم او اشراكهم في الحكم هو الرغبة في التخلص من التزامات تجاه من دافعوا عن الدولة، لأنهم سيسببوا تهديداً لمن هم في سلطة الحكم، وفق منظور (حكام اليوم).
إن استمرار هذه الحالة من الجحود السياسي يحمل في طياته بذور دمار الدولة ويمكن أن يؤدي إلى مآلات خطيرة ، وأخطرها هو تقويض الروح المعنوية وتفكك الجبهة الداخلية فعندما يشعر المقاتلون وحاضنتهم السياسية بأن تضحياتهم تقابل بالنكران وأن قيادتهم تهمش بينما يكافأ أعداؤهم فإن ذلك يؤدي إلى تدهور حاد في الروح المعنوية.
هذا الشعور بالخيانة يدفعهم إلى فقدان الثقة في القيادة، وقد يؤدي إلى تفكك الجبهة الداخلية وتراجع الرغبة في الدفاع عن الدولة.
إن إبعاد القوى الوطنية المخلصة وإضعافها بالتزامن مع تمكين الداعمين للمتمردين يرسل رسالة سلبية للمتمردين وحاملي السلاح ضد الدولة بشكل عام، وهو أن طريق التمرد والعنف هو الأجدى لتحقيق المكاسب السياسية، وذلك يشجعهم ويشجع غيرهم في المضي في درب حمل السلاح (مع او ضد) الدولة لتحقيق المكاسب السياسية والمالية وغيرها، هذا النهج المتبع سوف يؤدي إلى دورة لا نهائية من العنف وعدم الاستقرار في الدولة.
سيترتب عن كل ما ذكر فقدان للشرعية والمصداقية في قيادة الدولة الحالية فعندما تتجاهل القيادة حقوق من دافعوا عنها وتتماهى مع داعمي أعدائها فإنها تفقد تدريجياً شرعيتها ومصداقيتها في نظر الشعب والقوى المخلصة.
هذا الفقدان للثقة سيؤدي إلى احتجاجات شعبية وعدم استقرار سياسي وربما محاولات جادة لتغيير القيادة الحالية التي تدير الدولة بشكل نهائي من المشهد كما حدث في 11 إبريل 2019م.
كما إن إضعاف القوى الوطنية الداعمة للدولة وتمكين القوى التي كانت تعمل ضدها يؤثر سلباً على مؤسسات الدولة وخاصة الجيش والأجهزة الأمنية، فقد يؤدي ذلك إلى انقسامات داخل هذه المؤسسات وتراجع فعاليتها وفي أسوأ السيناريوهات انهيارها.
كما أن ضعف الدولة وانقسامها يجعلها عرضة للتدخلات الخارجية من قوى إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، هذا التدخل يزيد من تعقيد الأزمة ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار ليس فقط داخل الدولة بل في المنطقة بأسرها.
إن الجحود السياسي من قبل قيادات الدولة تجاه من يقاتلون الأعداء والمتمردين هو سلوك خطير يحمل في طياته تدميراً للنسيج الاجتماعي والسياسي للوطن.
إن تقدير التضحيات وإشراك جميع القوى الوطنية في بناء المستقبل هو السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة الدولة واستقرارها.
على قيادات مجلس السيادة خاصة العسكريين منهم أن يدركوا أن مصالح الوطن العليا تتجاوز أي مكاسب سياسية آنية وأن الثقة بين الحاكم والمحكوم هي أساس بناء دولة قوية ومزدهرة.
المستشار/ محمد السر مساعد
[ad_2]
Source


