«ما تخَرِّبوا الموت بالرفسِي»
المثل السوداني الذي يُطلَق على كلِّ من استنفد فرصته وعليه مواجهة الأمر لكنه يُصرّ على الهروب — يشبِّهه بحال الذبيحة بعد ذبحها وهي ترفُس ولا تدرك أن الموت قادم ولا مَفَرَّ منه:
.
هذا المثل السوداني البسيط يعبر فعلاً عن حال الحركة الإسلامية الإرهابية التي سقطت في وِجدانِ السودانيين وعقولِهم قبل أن يسقط نظامُها المجرم في أبريل 2019. كعادتهم، المجرمون لم يتخذوا يوماً قراراً صحيحاً في مسارهم السياسي منذ أن وصل تنظيمهم مهاجِراً إلى أرض السودان؛ حملوا مشروعاً تكفيرياً مزَّق النسيج الوطني، ومنذ وصولهم إلى السلطة عبر انقلابهم المشؤوم عام 1989 عاثوا في الأرض دماراً. لم تُنتج مشاريعُهم وسياساتُهم إلا حروباً مستمرة في جنوب وشرق وغرب السودان — مشروعٌ يتغذى على الدماء، كيف لا وقد كان شعارهم فل تُراق منهم دماء أو تُراق منا دماء او ترق كل الدماء؛ الإقصاء والعنف من سمات مشروعهم الفكري.
الحقيقة أن مشروع هذه العصابة الإجرامية والإرهابية سقط ومات. وما يحدث منذ سقوطهم مرورا بي احداث فض الاعتصام و انقلاب أكتوبر (الانقلاب المتفق عليه آنذاك مع قائد القوات المسلحة والدعم السريع) — كما قال الناجي مصطفي قبل اندلاع الحرب في إحدى خطاباته مهدِّداً القائد العام للقوات المسلحة: «خلال أيام قليلة لن تستمر الأوضاع كما هي؛ استجبت لانقلاب بكراوي لكن خنتمونا كلنا، وبعدها مهدَّدًا برفض الاتفاق الإطاري» — يؤكد انكشافهم وانهيارهم.
هذا الفيديو يعبر عن هذا التنظيم: لا يمتلك أدوات العمل الجماهيري. الجماهير لفظتْهم ورَكَلَتهم إلى مزبلّة التاريخ. جرّبوا الخروج في ما يُسمَّى مواكب الزحف الأخضر ومواكب الكرامة، فكانوا قِلة هزيلة ضعيفة منبوذة، بينما شهد العالم خروج الملايين في مواكب الثورة و إسقاط الانقلاب بالصدور العارية والهتافات المطالبة بإصلاح ما خرَّبوا من حياةٍ مدنيةٍ وعسكرية. كانت مواكب قوى الثورة شعارها الجيش الواحد الذي مزَّقوه، والسلام بعد أن ملأوا البلاد حروباً، والعدالة بعد أن ارتكبوا الجرائم وفتنوا المكونات الاجتماعية بعضها ضد بعض، والحرية بعد أن دفع السودانيون أغلى الأثمان — أرواح أبنائهم — في مقاومة استبدادهم على مدى ثلاثين عاماً، كانت ملامحها الموت والجوع والفقر والعوز. وما هروب إعلاميّهم وأعضاء تنظيمهم إلى التخفي وراء لافتات «خبير» أو «محلل» أو «صحفي» إلا هروباً من هذه الوصمة (كوز).هروبا من الشعب الذي اقتلعهم بالهتاف والصدور العارية: «أي كوز ندوَسوا دوس».
هذه العصابة الإرهابية تُحاوِل «تخريب الموت بالرفسِي»: أدركت أن مشروعها مات، ليس في السودان فحسب، بل في كل المنطقة. تنظيمهم بات منبوذاً ومكروهاً في كل مكان؛ تُحظر أنشطته وتُصادر ممتلكاته، لأن الإقليم اكتشف أن مشروعهم إرهابي وإجرامي بالأساس. — إشعالهم لهذه الحرب يؤكّد للسودانيين أن هذا التنظيم يتكسب من موتهم وجوعهم. كما قال عبد الحي: «هذه الحرب أعادت للحركة الإسلامية بريقها» — بالنسبة لهم، لم يكن الموت والدمار والمعاناة إلا بريقاً لتنظيمهم المجرم. هم يستخدمون ذات الأدوات التي مزَّقوا بها السودان سابقاً ويَسعون الآن لتقسيمه عبر حرب الأكاذيب والكراهية. الحقيقة واضحة وضوح الشمس: ليس لديهم موقف أخلاقي تجاه الانتهاكات؛ هم بلا أخلاق أو قيم . من يتحدث عن الأخلاق بعد أن قتلوا أكثر من ثلاثة ملايين سوداني ، وهجروا وشردوا ونزح أكثر من ستة ملايين في حروبهم السابقة ، ونهبوا الأراضي وثروات البلاد؟ هذه الحرب وهم لاسترجاع عجلة التاريخ إلى الوراء — ولن تعود.
الحقيقة أن الجهود الحالية من دول الرباعية، المدعومة من المؤسسات الدولية والإقليمية وعدد من دول المنطقة، و تحظى بدعم الشعب السوداني المحبّ للسلام والحياة الكريمة. شعار الثورة التي اقتلعت نظامهم المجرم هو: الحرية والسلام والعدالة — هذه رغبتهم وأهدافهم. هذه الجماعة الإرهابية ستعمل على تخريب فرص السلام كما حدث سابقاً في جدة والمنامة وجنيف، فليس أمامهم إلا رفض السلام؛ فهم تنظيم يتغذى بالدماء. لكن انتهت فرص هذا التلاعب: الواجب الآن أن نعمل نحن السودانيين والسودانيات، مع شركاء السلام في المنطقة والعالم، من أجل إحلال السلام في بلادنا وإعادة إعمارها من خرابهم ودمارهم. أقول لهم: السلام قادم ومكانكم السجون على جرائمكم وإرهابكم.
فـ «ما تخَرِّبوا الموت بالرفسِي»
شريف محمد عثمان
٣٠ سبتمبر ٢٠٢٥
Source