الجريدة هذا الصباح..
اشتراط كامل إدريس أن يتم السلام بانسحاب الطرف الثاني هو خطاب عسكري لقائد ميداني، وهنا تسقط الصفة المدنية المستقلة التي تحدث عنها!!
أطياف
صباح محمد الحسن
تقوقع!!
طيف أول:
يقولون أحيانًا يرغب المرء في أن يرى إلى أي مدى يمكن للآخر أن يحاول من أجله!
ورئيس الوزراء المكلّف كامل إدريس قال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: (أقف أمامكم وفاءً للعهد الذي قطعه فخامة الرئيس عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، من داخل هذا المحفل الدولي المهم، بتعيين رئيس وزراء مدني بسلطاتٍ مستقلة، ترسيخًا لقيم الحكم المدني والانتقال الديمقراطي).
ومن هذه العبارات، أكد الرجل أنه وقف دفاعًا عن البرهان، لا ممثلًا للشعب السوداني، وهو عنوان كشف للعالم ما يحتويه النص.
ففي الوقت الذي أجمعت فيه دول العالم على عدم الاعتراف بوجود سلطة في السودان بقيادة البرهان، قصد كامل أن يشير إلى نفسه كممثل لهذه السلطة غير المعترف بها!!
ولو أن العالم يرفض البرهان لعدم مصداقيته في تسليم السلطة لحكومة مدنية، فإن إدريس يقف أمامهم رئيسًا لحكومة مدنية “مستقلة”، وهنا يتجلى هوس إدريس بالمنصب إلى الحد الذي يخدع فيه نفسه.
فالرجل وكأنه “يستغفل” العالم الذي اتفقت فيه 90٪ من الدول على ما طرحته الرباعية، والتي من أهم ما جاء فيها أنها لا تعترف بسلطة في السودان.
هذا التقوقع في العزلة والظلمة يؤكد أن كامل إدريس يُظهر شخصية سياسية “محلية” لا تمتلك الحنكة السياسية أو الدبلوماسية التي تمكّنها من تطويع العبارات المناسبة للخطاب الدولي لاحتواء الموقف الماثل أمامها، والذي بلورته النظرة الدولية العامة.
ولو بلغ من الحكمة ربعها، لقدم خطابًا دبلوماسيًا متزنًا، ليس بالضرورة أن يُحدث فرقًا، ولكن فقط ليبرئ نفسه من تمثيل سلطة عسكرية مثقلة بالأخطاء السياسية والجرائم. فلو طرق كامل باب السلام فقط دون رغبته في الدخول فيه، لكان رئيسًا مدنيًا مستقلاً.
فالعالم لم يرفض السلطة في السودان بجرأة إلا بعد أن أوفى البرهان بعهده خدعة وكذبة، وأتى برئيس وزراء على مقاس رغبته العسكرية والشخصية.فعندما قال إنه لا يُعترف بوجود سلطة في السودان، كان كامل إدريس يشغل منصب رئيس الوزراء، وهذا هو الادراك.
لذلك، فإن الاحتفاء بوجود إدريس ومشاركته من قبل فلول النظام يكشف مستوى الجهل السياسي، حتى عند الوزراء الذين خرقوا البروتوكول بتمثيلهم وتصفيقهم وتصويرهم.
فمقعد السودان في الأمم المتحدة ليس ملكًا لحكومة السودان كما يعتقدون، بل هو خاص بدولة السودان، وبالتالي فإن من يقف فيه لا يعني أنه معترف به دوليًا.
فمن قبل، وقف فيه البرهان، القائد الانقلابي الذي قتل الثوار وفض الاعتصام، وأيضًا بعد أن قتل في حربه “ثلث” الشعب السوداني.
ولولا اعتراض أمريكا على سلطته، لَمَثّل السودان هذه المرة، فالأمم المتحدة لا تحرم دولة من عضويتها. ولو أن المقعد مخصص للحكومات، لما وقف كامل إدريس الذي يدافع عن “فخامة” البرهان، فالجنرال فخامته فقط في أنه “أكثر قائد مارس القتل والتشريد لشعبه بفخامة”
ولو كان إدريس رئيسًا للوزراء باسم الشعب السوداني، لما طالب بالاعتراف بـ”حكومة الأمل”، وكأنه يُسقط رغبة وصوت الشعب السوداني، الذي قطعًا لا تمثله حكومة “الألم”.
فالسودان يعيش انقسامات سياسية بوجود حكومتين، تجعل الحديث باسمه بلسان كامل إدريس ليس من الأمانة السياسية.
فالبلاد تعيش كارثة إنسانية خطيرة، ينظر فيها العالم إلى أزمة السودان كأزمة بلد واحد. فالرئيس الذي يمثل البلاد والشعب، يأتي ليتحدث عن معاناة جميع أبناء الشعب السوداني بمختلف أطيافهم، لأن القضية اليوم إنسانية. لذلك، يجب ألا يتحدث مسؤول إلا عن السلام ورفع هذه المعاناة.
فكامل، إن دعا للسلام بجدية، ما كان سيفقد منصبه، ولكن اشتراطه أن يتم ذلك بانسحاب الطرف الثاني في الحرب، فهذا خطاب عسكري لقائد ميداني، وهنا تسقط الصفة المدنية المستقلة.
وقد ذكرنا هنا أن إدريس سيعيد كلمة وخطابًا مكررًا، طالما أن كاتب النص قلم كيزاني يكتب له وللبرهان خطابًا واحدًا! ولأنه وقف دفاعًا عن البرهان، قدم هذه العريضة قائلًا: (على الرغم من الإجماع والتوافق الدولي على عدم مشروعية العقوبات والتدابير القسرية الأحادية، التي تنتهك قواعد القانون الدولي، يستمر فرض هذه العقوبات لأسباب سياسية، مما يهدد قيم وأواصر التعاون الدولي والعلاقات الدولية).
فالرجل فيما سبق من كلمته تغاضى عن أخطاء السلطة الانقلابية، لكنه هنا يتغاضى عن جرائمها التي ارتكبتها وجعلتها عرضة لهذه العقوبات. فما طالب به إدريس من سلام ومحاسبة وعدالة لن يتم إلا بوقف فوري للحرب، وهذا الطلب لا يجرؤ على قوله!!.
طيف أخير:
#لا_للحرب
قال مسعد بولس إن لقاءً قريبًا سيجمع قادة طرفي الصراع، وإنهم يعملون وفق آلية محددة لتنفيذ ذلك.
فما هي هذه الآلية!!
#شبكة_رصد_السودان
Source