جريدة ديسمبر – العدد 21
الخميس 25 سبتمبر 2025م
لـ(ديسمبر) كلمة
“الحياة أولاً”
حماية المدنيين على أساس أن “الحياة أولاً” ليس عملاً موسمياً ينتهي مع حملة إعلامية أو مؤتمر أو تظاهرة هنا وهناك، بل هو واجب دائم على كل سوداني وسودانية وبغضِّ النظر عن مكان وجوده الجغرافي أو موقعه المهني أو الوظيفي، وسيتواصل هذا الواجب حتى بعد انتهاء الحرب.
تطلق مجموعة من المؤسسات والمراكز الصحفية والإعلامية حملة تحت شعار “الحياة أولاً”، في الفترة من 25 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2025. الهدف من هذه الحملة الوطنية لفت الأنظار إلى الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها المدنيون منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.
واستشعاراً لمسؤوليتها المهنية والوطنية والأخلاقية، قررت هذه المجموعة تنظيم حملة إعلامية مكثفة لمدة أسبوع، بالتزامن مع انعقاد جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل أن يضع الجميع، في داخل السودان وخارجه، قضية توفير الحماية للمدنيين في مقدمة أولوياتهم عند تعاطيهم مع قضايا الحرب والسلام في البلاد. ونحن في (ديسمبر) لم يكن لنا خيار سوى أن نكون جزءاً فاعلاً في هذه الحملة.
تتقاسم الحملة أحزان عشرات الآلاف من الأسر التي فقدت عزيزاً لها في هذه الحرب، دون أن يجني ذنباً سوى وجوده في مكان سكنه أو عمله الذي قرر المتحاربون تحويله إلى ساحة معركة.
ندعو مع ملايين السودانيين بالشفاء العاجل للجرحى والمرضى بالوبائيات المنتشرة منذ بداية الحروب، الذين يعانون الأمرَّين جراء الدمار الذي طال المؤسسات الصحية، وجعل العلاج فوق طاقة الجميع. نتمسك بالأمل مع عائلات وأصدقاء وزملاء المفقودين الذين يتحرَّون خبراً ساراً طال انتظاره.
“الحياة أولاً” يعني أن يتوقف المتقاتلون عن القتل والتعذيب والاغتصاب والقصف الجوي المدفعي، والنأي بالمدنيين عن انتهاكاتهم الممنهجة، وهذا لا يتأتى إلا بوقف فوري لإطلاق النار. كما ويعني أن ترفع الأطراف المتقاتلة كل القيود التي تعرقل وصول الطعام والدواء والمياه النظيفة للمدنيين في كل أقاليم السودان دون تمييز حتى يتفادوا خطر المجاعة الذي يحاصرهم منذ 30 شهراً.
لقد وفّر بيان الرباعية فرصة تاريخية لوقف الحرب، فلا حل عسكرياً للأزمة في السودان، ووجوب إيصال المساعدات الإنسانية وعودة النازحين واللاجئين بما يوفر الحماية للمدنيين، ومن ثم إطلاق عملية سياسية تعيد البلاد إلى مسيرة الانتقال المدني الديمقراطي التي مهدت لها ثورة ديسمبر العظيمة بالوسائل المدنية السلمية. خصوصاً وأن البيان قد حدد بوضوح “أن مستقبل السودان لا يمكن أن تُمليه الجماعات المتطرفة العنيفة التي تنتمي أو ترتبط بشكل موثق بجماعة الإخوان المسلمين، التي أدى نفوذها المزعزِع للاستقرار إلى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة”.
وهنا لا بد أن نتوقف لنحيي القوى المدنية التي طلبت من الاتحاد الأفريقي والإيقاد والأمم المتحدة والجامعة العربية تأجيل الاجتماع المزمع عقده في أديس أبابا في مستهل شهر أكتوبر القادم في إطار جهود إطلاق حوار سوداني سوداني لبدء عملية سياسية. فالألوية الآن، وقبل الحديث عن كيف يحكم السودان أو من يحكم السودان، يجب أن تكون لحماية المدنيين عبر وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية.
حماية المدنيين على أساس أن “الحياة أولاً” ليس عملاً موسمياً ينتهي مع حملة إعلامية أو مؤتمر أو تظاهرة هنا وهناك، بل هو واجب دائم على كل سوداني وسودانية وبغضِّ النظر عن مكان وجوده الجغرافي أو موقعه المهني أو الوظيفي، وسيتواصل هذا الواجب حتى بعد انتهاء الحرب.
حينها ستتحول مهمة “الحياة أولاً” إلى مكافحة خطاب الكراهية الذي استشرى، وإعادة رتق النسيج الاجتماعي، والتوجه نحو إعمار وإعادة بناء الدولة على أسس جديدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وعلى أساس شعارات الحرية والسلام والعدالة والحكم المدني ستظل مسؤولية جماعية حتى تشرق شمس السودان الجديد.
Source