قبل عامٍ من الآن، تم استدعائي من سنار الحبيبة، أرض الصمود والبسالة والتاريخ؛ تلك المدينة التي أحببتها وتعلّقت بها أكثر من أي مدينة أخرى زرتها خلال هذه الحرب.
تم تكليفي مع الأخ طلال بقيادة القوة لعبور كبري الحلفايا واستلام أهداف محدّدة لبدء فك الحصار عن منطقة الكدرو العسكرية وسلاح الإشارة. وكانت هذه المهمة من أصعب المهمات التي أوكلت إليّ في ذلك الوقت.
كانت هذه المهمة ثقيلة على قلبي. أتذكر أنّني جمعتُ القوة مع الأخ طلال قبل بداية التحرك بنصف ساعة، فتكلّمنا كثيرًا عن صعوبة المهمّة التي أُوكِلَت إلينا وعن المخاطر المحتملة. ناقشنا خصوصًا صعوبة رّبط خطّ الإمداد مع قواتنا في أم درمان بعد العبور، وإمكانية أن يقطعنا العدو هناك بعد لحظات من العبور، وأن لا نستطيع إخراج المصابين إلّا بعد المغرب أو عند حلول الظلام حسب الخطة. تطرّقنا أيضًا لاحتمال نفاد الذخيرة قبل استلام الأهداف وانقطاع الإمداد عنا ما قد يؤدي إلى حصارٍ ومصيرٍ شهيدٍ جماعي، وفي المقابل تكلّمنا عن احتمال نجاحنا في استلام الأهداف وفتح طريق فكّ الحصار عن إخوتنا — وكلّ ذلك كان مدار حديث طويل وصادق بيننا نكمله لكم لاحقا بإذن الله
بفضل الله أكرمنا بفتح ونصر لم يكن في الحسبان ولا التقدير، والحمد لله.
تقبّل الله شهداءنا، وشفى جرحانا، وثبّتنا على الحق.
Source