[ad_1]
تجّار الأزمات في السودان… وحوش بلا ضمير يقتاتون على آلام الشعوب
بقلم.شول الدين لام دينق
في كل زمنٍ من أزمنة الشدائد، يظهر معدن البشر على حقيقته. فهناك من يمدّ يده لينقذ الغريق، وهناك من يمدّها ليغرقه أكثر… وهؤلاء هم تجّار الأزمات.
هؤلاء ليسوا تجّاراً عاديين، بل هم ذئاب بشرية تنهش لحم المريض، وتقتات من دموع الفقير، وتحوّل أنين الأمهات إلى رأس مال متضخّم.
اليوم، السودان يئنّ تحت وطأة حمّى الضنك، المرض الفتّاك الذي ينتشر بسرعة في الأحياء والمدن والقرى. هو مرض لا دواء شافياً له حتى الآن، وكل ما يحتاجه المريض هو دربات البندول لتخفيف الحرارة وتسكين الألم، علّ الجسد يجد فرصة ليلتقط أنفاسه.
لكن، ويا للمفارقة المؤلمة، هذه “الدربات” البسيطة تحوّلت إلى سلعة نادرة، يُساوِم عليها تجّار الأزمات وكأنها ذهب أو يورانيوم.
كان ثمن الدرب الواحد لا يتجاوز 2000 جنيه سوداني، والآن يقفز السعر فجأة إلى 5000 جنيه! لماذا؟ أهو لأن تكلفة الإنتاج ارتفعت؟ أم لأن الشحن صار أعقد؟ أم لأن العملة انهارت أكثر؟
لا. السبب أبسط وأحقر: الجشع.
جشع عديمي الضمير الذين يرون في موت الآخرين فرصة ذهبية، وفي عرق المريض استثماراً مضموناً.
كيف يمكن لإنسان إن كان فيهم بقية إنسان أن ينظر في عيون طفلٍ تتقلب حرارته بين الحياة والموت، ثم يساوم أهله على ثمن درب واحد؟
كيف ينام هؤلاء وهم يعلمون أن كل جنيه انتزعوه من جيب فقير، كان ثمناً لدمعة أم، أو عجز أب، أو روح صعدت إلى السماء لأن ثمن الدواء كان أغلى من قدرتهم على الدفع؟
إن تجّار الأزمات ليسوا مجرد تجّار. إنهم قتلة ناعمين، يحملون ميزاناً بدلاً من السكين، ويرتدون بدلة رسمية بدلاً من ثياب اللصوص.
هم أسوأ من اللصوص أنفسهم، فاللص يسرقك في ظلمة الليل، أما هؤلاء فيسرقونك وأنت ممدّد على سرير المرض، عاجزاً حتى عن الصراخ.
التاريخ لن يرحمهم، والناس لن تنسى.
ستُكتب أسماؤهم في سجلات العار، لأنهم فضّلوا الذهب على الرحمة، والدولار على الضمير، والأرباح على الإنسانية.
والشعوب مهما طال صبرها، ستقف يوماً لتقول كلمتها، لأن الألم إذا تراكم، يتحوّل إلى بركان، والبركان لا يُبقي ولا يذر.
فليرتعد كل من يرفع سعر “درب البندول” بلا مبرر، وليعلم أن كل قطرة عرق من مريض فقير ستلاحقه كلعنة، وكل دمعة أم فقدت ابنها بسبب جشعه ستُطارد نومه، حتى وإن غطّى فراشه بالمال.
إنهم ليسوا تجّاراً، إنهم تجّار موت.
ومن يتاجر بالموت، سيذوق مرارته عاجلاً أم آجلاً.
[ad_2]
Source


