[ad_1]
#المليشيات_القبلية
لم يكن الصراع في السودان مجرد صراع بين جيش نظامي وقوات متمردة، بل هو صراع متعدد الأبعاد يتغذى على تفشي ظاهرة المليشيات القبلية المسلحة، التي باتت تشكل تهديداً وجودياً على وحدة الدولة واستقرارها.
هذه المليشيات، التي تنشأ غالباً على أسس عرقية وقبلية، لا تختلف في جوهرها عن القوات التي يفترض أنها تحاربها، بل إنها تساهم في تفتيت النسيج الاجتماعي.
عند النظر إلى “قوات درع السودان” كنموذج للمليشيات القبلية، نجد أن أوجه الشبه بينها وبين قوات الدعم السريع المتمردة ليست مجرد صدفة، بل هي نتاج لنفس الظروف والآليات التي أدت إلى تكوينها.
فكلاهما نشأ على أساس قبلي، وكلاهما يتمتع بدعم سياسي وعسكري من رئيس الدولة ويستخدم خطاباً يمزج بين الدفاع عن القبيلة والولاء للدولة، وهو ما يضفي عليهما شرعية زائفة.
قوات الدعم السريع التي تمردت كانت تستخدم في حرب الحركات المسلحة المتمردة في دارفور والتي هي كذلك مليشيات قبلية أصبحت اليوم في السلطة بعد إتفاقية سلام جوبا الذي أحياها بعدما موتها السريري داخل السودان حيث هربت كل الحركات المسلحة لخارج السودان بعدما هزمت عسكرياً.
قوات الدعم السريع التي تمردت احتفظت بهويتها القبلية تحت قيادة المتمرد محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وبالمثل، تشكلت “درع السودان” من مجموعة من أبناء القبائل في وسط السودان، تحت قيادة المتمرد السابق أبو عاقلة كيكل، الذي أعلن ولاءه للجيش، وهذه القوات تعمل ككيان مستقل له أجندته الخاصة للوصول إلى السلطة حالها حال المليشيات القبيلية الأخرى في دارفور.
كلتا المجموعتين تستخدم خطاباً قبلياً صريحاً، وتتحدث عن “الحماية والدفاع”، مما يعطيها قاعدة شعبية داخل قبيلتها، لكنه في الوقت نفسه يعزز الانقسام والتشرذم المجتمعي.
هذا الخطاب يجعلها أداة قابلة للاستخدام من قبل قوى داخلية ولربما غداً قوى خارجية لتحقيق مصالحها، مما يحول الصراع من صراع ضد متمردي الدعم السريع إلى صراع على السلطة والنفوذ بين القبائل.
تكمن الخطورة الحقيقية في وجود هذه المليشيات في أنها تقوض أسس الدولة الحديثة التي يفترض أنها تقوم على المؤسسات لا على الولاءات القبلية.
وإذا لم يتم التصدي لهذه الظاهرة، فإننا سنكون أمام سيناريوهات كارثية ومنها تقويض الجيش فعندما تصبح المليشيات القبلية قادرة على تحدي سلطة الجيش كما فعلت مليشيا الدعم السريع المتمردة أو العمل بمعزل عنه، فإن ذلك يضعف من سيادة الدولة ويجعلها عاجزة عن حماية مواطنيها.
وجود المليشيات المسلحة يعزز من الانقسام القبلي ويجعل أي خلاف بسيط يتحول إلى صراع مسلح، مما يجعل السودان ساحة مفتوحة للحروب المستمرة.
أي حل سياسي للصراع الحالي سيكون هشاً وغير مستدام ما لم يتم نزع سلاح المليشيات من متمردي الدعم السريع وكذلك الحركات المسلحة الدارفورية ومليشيا درع السودان ودمج هذه المليشيات في الجيش أو تسريحها بشكل كامل.
إن ما يحدث في السودان اليوم هو دليل على أن ترك هذه المليشيات تنمو وتقوى سيؤدي في النهاية إلى تدمير الدولة.
ليس هناك فرق في التكوين بين قوات درع السودان وقوات الدعم السريع المتمردة من حيث الخطر الذي تمثله على وحدة السودان ، فكلاهما قنابل موقوتة، إنفجرت اِحداها ونعيش تبعات خطأ البرهان والقيادات العسكرية والأمنية التي معه إلى هذه اللحظة والأخرى ستنفجر مستقبلاً إن استمرت هذه القوات في النمو حيث ، سيصبح السودان ساحة صراع على السلطة والثروة فيما بين المليشيات القبلية.
المستشار/ محمد السر مساعد



[ad_2]
Source


