[ad_1]
أفق بعيد – أ. فيصل محمد صالح
التناقض والاتساق
#صحيفة_ديسمبر
كل ما ذكرناه من أحداث، مثل قصف محطات الكهرباء والمدارس ومنازل المواطنين أو الأسواق العامة وقتل وتصفية المدنيين، أو حتى الأسرى من العسكريين، هي جرائم حرب يجب توثيقها والدعوة لتقديم مرتكبيها للعدالة، ولا يمكن قَبولها من صاحب ضمير سوي.
تناقضات بعض الناس لا تقف عند حد معين، بل تتمادى لتلامس عير المعقول أو المتخيل.
خيارات الناس متعددة ومفتوحة، ويملك أي فرد أن يتخذ الخيار الذي يراه ويؤيده. إلى هنا والخيار شخصي جداً، ويدخل في باب حق الناس في الاختيار. لكن غير الشخصي وغير المعقول أن ترفض نتائج الخيار الذي اتخذته، وتستنكر عواقبه.
والطبيعي والموضوعي أن تقبل بنتائج الخيارات التي اتخذتها أياً كانت، وتعمل، إن كنت من ذوي السلطة، على امتصاص الآثار السلبية وتقليلها وأخذ الاحتياطات اللازمة.
إن كنت من أنصار الحرب حتى تحقق الأهداف التي تراها، فعليك أن تهيئ نفسك لتقبل نتائجها ومترتباتها، وأن تعمل على مواجهتها والتقليل منها. هذا ببساطة لأنك عندما اخترت فإنك تعلم جيداً أن هناك خيارات أخرى في الساحة، وأنك لا تستطيع التحكم في تصرفات الآخرين.
ربما تكون من أنصار الحرب، لكنك مثلاً لا تريد أن تستهدف الحرب المدنيين والبنى التحتية للدولة، وهذا خيار مشروط، فإن تعدت الحرب نطاق المنشآت العسكرية والعسكريين، من أي طرف كانت، فمن المنطقي والمتوقع أن يكون لك موقف ضد هذا التصرف. والقانون الدولي الإنساني يجرم مثل هذه التصرفات، ويدعو لعدم استهداف المدنيين والمنشآت الخدمية المدنية.
طبيعي جداً إذن أن تجد عملية ضرب محطات الكهرباء في المرخيات أو عطبرة أو مروي من قبل الدعم السريع إدانة واستنكار من كل شحص سويٍّ، يعلم أن ضرر استهداف هذه المنشآت يقع على المواطن البسيط والذي لا يد له ولا ناقة في الحرب.
لكن لو اكتشفنا أنك كنت من الداعين والمؤيدين لاستهداف المصفاة، أو كبري شمبات من قِبَل الجيش، فكيف نقبل لك هذا الموقف المتناقض؟ أو كنت من الداعين لقصف المدنيين الذين تعتبرهم “رصيداً اجتماعياً” للدعم السريع، فهل يجوز أن تحاضرنا عن مدنيين قتلوا في أماكن أخرى وتطلب إدانة ذلك؟.
كل ما ذكرناه من أحداث، مثل قصف محطات الكهرباء والمدارس ومنازل المواطنين أو الأسواق العامة وقتل وتصفية المدنيين، أو حتى الأسرى من العسكريين، هي جرائم حرب يجب توثيقها والدعوة لتقديم مرتكبيها للعدالة، ولا يمكن قَبولها من صاحب ضمير سوي.
عزيزي المواطن السوداني، الحق واحد.. والدم السوداني واحد، فاستقيموا وحكِّموا ضمائركم، وأقبلوا على درب الحق على قلة سالكيه، وإن كان ذلك مُرّاً في البداية، ولكن لا شيئ يستحق الحياة أكثر من ضمير مستيقظ وفعل متسق مع ما تؤمن به.
[ad_2]
Source


