[ad_1]
إنسانية في العلن ومؤامرة في الجوهر
بقلم:شول الدين لام دينق
في زمنٍ تُقاس فيه النوايا من خلال نتائجها، تبدو دعوات الهدنة الثلاثية . التي ارتفعت أصواتٌ إقليمية ودولية تُطالب بها فوراً بعد انتصار الجيش الوطني واستعادة مدينة بارا أقلّ ما يُقال عنها إنها غطاءٌ إنساني يُخيَّب ظاهرياً غرضه الحقيقي: توظيف معنى الرحمة ليكون مصيدة استراتيجية تسمح لمليشيا الجنجويد أن تستجْمِع قواها وتعيد ترتيب صفوفها دون أن تُعرقلها ضربات الحسم الميداني، ومن حقّ كلّ وطني واعٍ أن يقرأ في توقيت هذه الدعوات ما وراءها؛ فالهدنة التي تُمنح فوراً لمن تكبَّد هزائم ليست بلاغاً إنسانياً بقدر ما هي نافذة زمنية ثمينة تُتيح للمُنهَزِمين إعادة استقدام عناصر، وتجديد خطوط إمداد، وربما تلقّي تسهيلات لوجستية خارج أعين الرقابة، وهذه ليست تهمة تُطلَق بلا سند بل هي قراءة منطقية لسلوكيات صراعية شهِدناها سابقاً عندما تُستَغل المصطلحات الإنسانية سياسياً. إن من يدفع بالمنطقة نحو قبول هدنةٍ بلا آليات تحقق مستقلة ودون شروطٍ تقييدية يقدّمَ من دون قصد أو عن قصد هديةً لمن حُرِموا من مواقعهم بالقوة، وبهذه الهبة الزمنية تتبدد فرص الحسم وتعود ديناميكية العنف لتترسخ على أشدها. لذا يجب أن نصرخ جميعاً: لا للغطاء الإنساني الذي يخفي أجنداتٍ إعادة تمكين؛ لا لوقفٍ يُمنَح بلا مراقبة دولية مُحايدة، ولا لزمنٍ يُستغَل لصالح إعادة تشكيل شبكات الدعم المالي واللوجستي والمرتزقة. إن المطالبة ليست ضد الإنسانية بل ضد استغلالها، فنحن نريد حماية المدنيين وليس إمداد آلة الموت بفرصة جديدة، ونريد هدنة محكومة بآليات تحقق فورية وعلنية، وحظرٌ واضح على أي حركة لقادةٍ أو مقاتلين، ومصادرة أي شحنات تُشتبه فيها أنها مواد قتالية، وإلا فستكون الهدنة جريمة سياسية تُكتب بأحرفٍ من دم على جبين من يقبلها دون ضمانات. إن الرأي العام المحلي والإقليمي مطالب الآن بأن يعلن صراحةً رفضه لأن تتحوّل الإنسانية إلى قناع، وأن يطالب بتحقيق دولي مستقل يكشف أي شبكةٍ إقليمية أو محلية تسعى لاستغلال هذا الصمت المؤقت لإعادة إنتاج الموت في غطاءٍ من الرحمة، فالتساؤل ليس ترفًا بل دفاع عن وجودٍ وحاضرٍ ومستقبلٍ لمن تبقّى من أهلنا،
[ad_2]
Source


