[ad_1]

رحم الله عمي الصديق علي النور. لم يكن رجلاً فحسب، بل كان ظلاً وارفاً من الكرم والطيبة، يفيض سماحة كالنيل، منه تعلمنا معنى السخاء، ومن مجلسه نهلنا الصفاء، وحين نذكره الآن نستعيد كل تفاصيل حياتنا في البلد، نستحضرها دوماً، وأكثر حين يطل إسماعيل حسن، لا كشاعر فقط، بل كمرآة، يذكرنا بالسودان وأهله وتقاويه، وخلاويه وناسه الصُلّاح ” في أول شيء مواريثهم كتاب الله وسيف مسنون حداه درع”، وقد جسدهم “ود حد الزين”، وصوّر السودان الكنز، الذي أصبح اليوم عُرضة للطامعين.
وحين نحاول أن نعيد اكتشاف وطننا عبر كلماته، نكتشف أننا لا نملك سوى أن نحب هذه البلاد، بكل ما فيها، بنيلها ونخيلها وحروبها وخيباتها وصمتها المكسور، نحبها كما أحبها إسماعيل، وأحب أيضاً والدته “حد الزين”، تلك الأم الحنونة التي كانت تناديه: “سماعين”، نداء عاطفي نسج في قلبه أنهار الحنين، وصبغ شاعريته المتدفقة كشلالات السبلوقة، لا تهدأ ولا تنقطع. ومن طبعها نما حنينه للطين والنيل والجروف، حتى وهو في مصر يدرس الزراعة، لم تفارق مخيلته صور الناس الطيبين، ولا بلده، فوصفهم، ووصفها في تلك الأغنية الفريدة، التي تجاوزت ثنائته مع وردي، وأصبحت كما لو أنها أيقونة لا تنفصل عن هوية الوطن:
بلادي الجّنة للشافوها او للبرة بيها سمع
بلاد ناساً تكرم الضيف
وحتى الطير يجيها جعان ومن أطراف تقيها شبع
وتتدفق مياه النيل على الوديان
بياض الفضة في وهج الهجير بيشع
بلادي الصفقة والطمبور
وداراتاً تنح بالليل
وبنوتاَ تحاكي الخيل
يشابن زي جدّي الريل
وشبالن مكنتل في طريفو ودع
[ad_2]
Source


