🖋️كتب #رشيد_محمد_مصطفى
النهضة هناك والنكسة هنا
بالامس دشّنت إثيوبيا سدّ النهضة، فصفّق لها العلم والعالم، وأضاءت قرًى كانت تبيت على ضوء الفوانيس. أما نحن؟ فكما قال جرير:
“زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا… أبشر بطول سلامة يا مربعُ!”
فلا ماء يبلّ الريق، ولا كهرباء تُشغل مروحة في قيظ سبتمبر، فقط ضجيج المولدات وبيانات قادتنا وهم يتجادلون أيهم أحق بالخراب.
إثيوبيا نهضت، ونحن نهشنا بعضنا البعض حتى ظننّا أن السلام عدو، والداعي اليه مجرم !
السد مقام على أرض كانت يوماً تُسمّى سودانية… ولكن ما ضاع من الأرض، لا يوازي ما ضاع من الكرامة، والعقل، والبوصلة.
“إذا أنت أكرمت الكريم ملكته… وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّد”
لكن ماذا لو أكرمت الجاهل؟
فسيطالبك بالمزيد من الدم، ويصادرك باسم الوطن!
سد النهضة يولّد 5000 ميغاواط، بينما نحن نولد الشك، والخوف، وبيانات اللجنة العليا للانهيار التدريجي.
تخيّل يا صاح، أن يجف نيلك وأنت تحمله في شعارك القومي!
كنا نحلم بأن نكون “سلة غذاء العالم”، فأصبحنا “صفيحة قمامة الأخبار العاجلة”.
كنا نقول “إذا الشعب يوماً أراد الحياة” واليوم نقول: إذا قُطعت الكهرباء… نام الشعب واستراح!
مبروك لإثيوبيا على نهضتها، وهاردلك لشعبٍ اختار قادته من كوابيسه لا من أحلامه.
ولا نملك سوى أن نردد مع المتنبي:
أُعَزِّي النَفسَ عَن دُنيا أُسَلِّيها… فَما لِلمَرءِ فيها ما يُرَجّى”
Source