والمواد نادرة الوجود بالإقليم دخل العامل الإقليمي والدولي، كأحد عناصر الصراع في …

والمواد نادرة الوجود بالإقليم دخل العامل الإقليمي والدولي، كأحد عناصر الصراع في دارفور. واستخدام حروبات الجيل الرابع ذات تكاليف صفرية للدول التي تستفيد من نتائجها الوخيمة، وهناك من يعتمد البعد التأريخى للتحليل، وخاصة وضعية سلطنتي الفور والمساليت الأولى، على الرغم من أنها من أقدم سلطنات السودان مع نظيرتها السنارية، فقد كانت دارفور عصية على كل حكومات المركز: التركية والمهدية والإنجليزية، والتي استكملت احتلالها للسودان بمقتل السلطان علي دينار بعد معارك عنيفة استخدم فيها السلاح الحديث البريطاني مقابل السلاح التقليدي السوداني بمقاييس ذلك العصر، وسلطنة المساليت التي أبرمت اتفاقية خاصة مع المستعمر الفرنسي بعد خوضها معارك ضارية معه. ومن أبرز المعارك معركة دورتي، وكان من نتائجها إعطاء خيارات لسلطنة المساليت، إما البقاء متحدة مع السودان أو الانضمام لتشاد حتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي. علاوة على ذلك ضمن المنهج التاريخي لتحليل الأوضاع في دارفور عدم تطبيق شعارات ثورة أكتوبر المجيدة التي كانت في مقدمتها إلغاء الإدارة الأهلية وتبديلها بإدارة حديثة للمجتمعات تتجاوز القبلية والعشائرية، إلا أن القوى التى جاءت إلى سدة السلطة بعد أكتوبر لم تفعل شيئا. وهو ما أشار إليه المرحوم منصور خالد فى كتابه “النخبة السودانية وإدمان الفشل”، حيث ذكر ان موضوع حل الإدارة الأهلية وتبديلها بإدارة مستحدثة كان موجودا في برامج القوى السياسية، إلا أن الحزبين اللذين شكلا الحكومة بعد ثورة أكتوبر صمتا صمت القبور أمام هذا المطلب الثوري، إلى أن جاء المرحوم جعفر النميري بعد انقلابه في 25 مايو 1969م، وحاول تبني الشعار وتطبيقه بصورة مشوهة لم تأتِ بإدارة حديثة تملأ الفراغ الإداري الأهلي ولا تركها، ولم يعمل على تطويرها، كذلك كان هناك مطلب مهم جدا من مطالب ثورة أكتوبر المجيدة وهو استقرار العرب الرحل وتنميتهم بشريا واقتصاديا، وتحويل نشاطهم الرعوي نحو التكامل مع النشاط الزراعي حتى يتم تقليل الاحتكاك بين الرعاة والمزارعين، كذلك عدم الاستجابة لمطالب حركتي نهضة دارفور وسوني، كأول حركتين مطلبيتين قامتا بالإقليم، تطالبان بالتنمية المتوازنة بين إقاليم السودان المختلفة، فالمرحوم دريج بحكم عمله في مصلحة الإحصاء بالخرطوم، بعد تخرجه من الجامعة عرف بشكل دقيق الفوارق التنموية التي خلفها المستعمر في السودان، وبعد عرضه لعدد من ابناء دارفور الصورة الكاملة بالأرقام، اقتنعوا بتأسيس حركة مطلبية متزامنة مع الحركات المطلبية الإقليمية الأخرى، حركة “انانيا وان” بالجنوب، واتحاد جبال النوبة بكردفان، ومؤتمر البجة بالشرق، فالحركة السياسية السودانية بأحزابها وحكوماتها العسكرية والمدنية، لم تستجب لمطالب تلك الحركة، بل حاولت استقطاب عناصرها النشطة، فاستقطب حزب الأمة الزعيم دريج، والإخوان المسلمين دكتور علي الحاج. كما ان هناك منظري الحركة الثقافية والعرقية التي تفسر الصراع على أساس المكونات الثقافية والعرقية المختلفة في الإقليم، وأخيراً مقال السيد عبد العزيز الحلو الذي أثار جدلا واسعا، ردا لمقال الصحفية رشا عوض عن حركات الكفاح المسلحة بدارفور وبعدها عن النضال الحقيقي الذي يُخرج شعبنا في دارفور من مستنقع الحروب والجهل والمرض والفقر.
إلا إنني كباحث في قضايا الحرب والسلام ومتابع ومعايش للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية منذ فترة طويلة، أرى ان المنهج الصالح لتحليل الأزمة في دارفور هو المنهج التكاملي الذي يربط الظواهر الاجتماعية مع بعضها البعض وارتباطها الجدلي والقدرة على معرفة الأسباب والنتائج، والأسباب الرئيسية والفرعية، لذلك قلنا منذ 2008م أمام لجنة إمبيكى رفيعة المستوى، التي كانت تبحث عن جذور مشكلة دارفور، إن المشكلة ليست مشكلة دارفور بل مشكلة السودان في دارفور، التسمية الصحيحة، واعتقد انه اتضح ذلك الآن من خلال الحرب الدائرة في الخرطوم والأبيض ودارفور حاليا.


Source by حزب البعث العربي الاشتراكي – الأصل