[ad_1]
ولاية الجزيرة أمام غزو الفئران: أزمة زراعية أم تهديد وبائي قادم؟
تقرير إستقصائي خاص بشبكة رصد السودان الأخبارية
بقلم: #غزالي_آدم_موسى
الجزيرة –
خلال الأسابيع الأخيرة فوجئ مواطنو ولاية الجزيرة بظاهرة غير مسبوقة: آلاف الفئران تغزو القرى والحقول، تلتهم المزروعات وتترك خلفها جثثًا نافقة متناثرة. مشهد غريب ومقلق في منطقة طالما عُرفت بأنها سلة غذاء السودان، لكنه اليوم يثير تساؤلات خطيرة حول الأسباب والمآلات: هل نحن أمام مجرد آفة زراعية عابرة، أم أن الأمر ينذر بتهديد وبائي أشد خطورة؟
تكاثر خارج السيطرة:
بحسب خبراء بيئة وزراعة، ما يجري يدخل في إطار ما يُعرف علميًا بـ”الانفجار العددي” للقوارض. الفئران تمتلك قدرة تكاثرية هائلة، وفي حال توفر الغذاء وغياب المفترسات، يمكن لأعدادها أن تتضاعف بسرعة هائلة.
في الجزيرة، اجتمعت عدة عوامل لتهيئة هذا الانفجار:
وفرة الحبوب ومخلفات المحاصيل المخزنة في ظروف سيئة.
اختفاء أو تقلص أعداد القطط والطيور الجارحة نتيجة الحرب والنزوح.
الأمطار الغزيرة التي وفرت جحورًا آمنة ومراعي خصبة.
غياب برامج المكافحة الحكومية المعتادة بسبب ظروف الحرب.
الموت الجماعي: علامة خطر
المشهد الأكثر لفتًا للإنتباه هو ظهور أعداد كبيرة من جثث الفئران النافقة. هذه الظاهرة – بحسب خبراء الأوبئة – ليست عرضًا عابرًا، بل نتيجة طبيعية لتكدس القوارض وتفشي الأمراض بينها أو نفاد الغذاء. غير أن الخطورة تكمن في أن بعض هذه الأمراض قد تنتقل إلى البشر عبر وسائط مختلفة، ما يفتح الباب أمام كوارث صحية محتملة.
ذاكرة التاريخ تحذّر
ليس بعيدًا عن الذاكرة البشرية أن الطاعون – أو “الموت الأسود” – الذي اجتاح أوروبا في العصور الوسطى وقتل ملايين البشر، بدأ من دوائر صغيرة بين الفئران، وانتقل عبر براغيثها إلى الإنسان. ورغم التطور الطبي اليوم، فإن البيئة السودانية المأزومة بالحرب، وسوء الصرف الصحي، وانهيار أنظمة الرقابة، تفتح سيناريو مشابهًا إن لم يتم التدخل مبكرًا.
احتمالات قائمة:
من أبرز الأمراض المرتبطة بتفشي القوارض:
الطاعون (Yersinia pestis) عبر البراغيث.
البُريميات، مرض بكتيري ينتشر في المياه الملوثة ببول الفئران، ويصيب المزارعين وسكان الأحياء الفقيرة بعد الأمطار والسيول.
السالمونيلا وأمراض هضمية أخرى مرتبطة بفضلات القوارض.
توصيات الخبراء:
يقترح الخبراء خطوات عاجلة للحد من الكارثة:
تحسين تخزين الغلال باستخدام أوعية محكمة ورفع الأكياس عن الأرض.
تنظيف الأعشاب والمياه الراكدة حول القرى والمخازن.
تكثيف استخدام المصائد والحواجز الميكانيكية بدل الاعتماد الكامل على السموم.
تفعيل نظام بلاغات صحية وزراعية لرصد أي وفيات مفاجئة للفئران أو ظهور أعراض مشبوهة بين السكان.
التوصيات العاجلة:
تشكيل فريق طوارئ متعدد القطاعات (صحة عامة – بيطرة – زراعة – بيئة).
إجراء فحوصات مخبرية عاجلة لعينات من الفئران النافقة والتربة والمياه.
تطبيق إجراءات السلامة المجتمعية:
عدم لمس الفئران النافقة بالأيدي.
دفنها في حُفر عميقة مع استخدام الجير الحي.
حماية مصادر المياه من أي تلوث محتمل.
إطلاق حملات توعية شعبية بلغة بسيطة يفهمها الجميع.
إعلان نتائج التحقيق بشفافية للرأي العام، حتى لا يُترك المجال للشائعات.
ناقوس الخطر
إن ما تشهده الجزيرة اليوم قد يُقرأ باعتباره أزمة زراعية ظرفية، لكنه يحمل في طياته نذر وباء محتمل. فإذا كانت أوروبا قد دفعت ثمن إهمالها في العصور الوسطى بملايين الأرواح، فإن السودان – المنهك بالحرب والانهيار المؤسسي – ليس في موقع يسمح له بخوض مغامرة مماثلة.
التاريخ يهمس: حين تتكدس الفئران وتتهاون المجتمعات، لا يطرق الطاعون الباب مرتين… بل يقتحمه.
[ad_2]
Source


