[ad_1]
#أحمد_عثمان_جبريل
#يكتب….
الإعيصر .. يخاطب البرهان من لندن
لم يكن تصريح خالد الأعيصر فور وصوله إلى لندن مجرد كلمات انفعالية في حشد هتافي لزيادة وتيرة الجماهير الحماسية حينما رفع عقيرته واطلق لحنجرته العنان قائلا: “أنا وُلدت حرًّا وسأموت حرًّا، ولن يستطيع أحد أن يضع لي سقوفات” لقد بدا واضحًا أن الرجل لم يكن يعبر عن حالة شخصية فحسب، بل يفتح النافذة ليلفت النظر إلى صراع لم يعد خفيا داخل أروقة السلطة، عنوانه: من يملك القرار ومن بيده تكبيل حريتي؟
فالأعيصر، الذي شغل منصب وزير الإعلام للمرة الثانية، وجد نفسه فجأة خارج دائرة الضوء الرسمي، بعد أن صدر قرار مباشر من الفريق البرهان بسحب صلاحياته بالتحدث باسم الحكومة السودانية، ما اضطره إلى العودة لصفحاته الشخصية على منصات السوشيال ميديا التي كان يناوش منها العدو والصليح حينما كان متسكعا بين القنوات هنا وهناك، موقّعًا اسمه “بخالد الأعيسر المواطن” .
إن الذين يعرفون طبيعة العلاقة المتوترة بين المكوّن العسكري وبعض الشخصيات المدنية داخل الحكومة، لن يفاجئهم ما حدث.. لكن المختلف هذه المرة أن الأعيسر يبدو انه قرر أن يخرج عن صمته، وفضل رفع صوته معترضا لكن ليس امام البرهان بل امام الجماهير، كما يفعل اصحاب المواقف لا الانتهازيين.. لقد قرر الأعيصر الثورة في وجه البرهان من لندن، و يُعلن موقفه بصوت عالٍ، وبعبارات لا تخلو من رمزية ومرارة.
انفعالات الأعيصر في لندن كانت في أحد وجوهها ردًا شخصيًا على قرار إسكاته، وفي وجهه الآخر، بيانًا سياسيًا ناقدًا لنهج السلطة التي يراها تحاول تقييد حتى من يفترض أنهم شركاء البرهان في إدارة الدولة بكل معاناتها.
لم يذكر الأعيسر إسم البرهان صراحة، لكن دلالات السياق واضحة. فالرجل الذي سحب منه حق التحدث باسم الحكومة، هو نفسه قائد الجيش، ورئيس مجلس السيادة، و”صانع القرار الأول” في المشهد السياسي والعسكري الراهن. وحين يقول الأعيصر إنه لا يقبل سقوفًا، فهو لا يخاطب بيروقراطية وزارة أو مدير هيئة، بل يتحدث إلى القمة مباشرة.. (ويطعن الفيل في ضله)
والسؤال هنا: لماذا انتفض الاعيسر في لندن لا داخل البلاد ؟ وهل قيل له فعلا ان بقاؤه في موقعه مشروط بصمته، وقرر الآن أن( يتفكفك)بعدما زهد في المنصب أم أنه ثار لكرامته. أم أنه شعر أن أيامه باتت معدودة في المنصب، فقرر ان يقول بيدي لا بيد عمر ؟ وإلا كيف نفسر هذه الرسائل الموجهة للبرهان.
بعيدًا عن شخص الأعيصر، تعكس هذه الحادثة ضيق السلطة الحاكمة بالنقد الداخلي، حتى حين يأتي من داخل الطاقم الرسمي.. فالمشكلة لم تكن فقط في ما قاله الوزير، بل في كونه قاله من داخل الجهاز الحكومي نفسه، وهذا ما لا تتسامح معه أنظمة تحكم عبر المركزية الصارمة والهيبة المطلقة.
لكن ما فعله الأعيصر، سواء اتفقت معه أو اختلفت، هو أنه كشف جانبًا مهمًا من الواقع السياسي الراهن: لا صوت فوق صوت المؤسسة، ولا قرار يعلو فوق قرار رأس الدولة.
لا نعلم بعد ما إذا كانت هذه الصرخات التي اخرج بها الأعيصر الهواء الساخن من جوفه هي نهاية مسيرته الرسمية، أم أنها بداية لتحول جديد في موقفه السياسي.. ما نعرفه أن الرجل قال ما أراد قوله، في المكان الذي اختاره، وباللغة التي لا تقبل التأويل..
وفي بلد يعيش منذ سنوات على وقع المفاجآت حيث يتبدل المشهد بين الفينة والفينة الأخرى، قد يكون خالد الأعيصر خرج من الحكومة، لكنه لم يخرج من عالم التصريحات.
إنا لله ياخ..الله غالب.
[ad_2]
Source


