[ad_1]
#القتال_الحديث
القوات المسلحة في أي دولة ركيزة أساسية لأمنها القومي واستقرارها وفي السودان، يواجه الجيش الوطني تحديات هيكلية عميقة، تتطلب إعادة تقييم شاملة في ظل المتغيرات المتسارعة للحرب الحديثة.
إن المقولة التي تفيد بأن (قوات المشاة هي العمود الفقري للجيش) قد تكون صحيحة تاريخياً، لكن هيمنة قياداتها على المؤسسة العسكرية لعقود، دون موازاة ذلك بتطوير شامل على الأرض، قد خلق وضعاً مُخِلاًّ يستدعي إعادة نظر جذرية.
منذ تأسيسه هيمن قادة من سلاح المشاة على هرم القيادة في الجيش السوداني وهو ما شكل عقيدة عسكرية ترتكز بشكل كبير على القتال البري التقليدي.
ورغم هذا الثقل القيادي لا يظهر على الأرض وجود قوات مشاة ضخمة ومجهزة بالكامل على غرار الجيوش الحديثة، مما يكشف عن فجوة بين مركز القرار والقدرات الميدانية الفعلية.
الأداء العسكري الحالي، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على أسلحة قديمة مثل الدوشكا والثنائي (الرشاشات والمدافع الثقيلة)، يعكس هذه الفجوة.
فبينما تتطور الحروب لتصبح معارك معلوماتية وتكنولوجية، لا يزال الجيش السوداني يعتمد على تكتيكات تقليدية أثبتت الحروب المعاصرة محدوديتها.
هذا الوضع لا يُهدد فعالية الجيش في صراعاته الداخلية فحسب، بل يجعله أيضاً عرضة للخطر أمام أي قوة عسكرية حديثة تمتلك تفوقاً جوياً وتقنياً.
لقد أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية بوضوح أن موازين القوى لم تعد تُقاس فقط بأعداد الجنود والدبابات، بل أصبحت الطائرات المسيرة (الدرونز)، والدورنز الانتحارية، وأدوات المراقبة والاستطلاع الحديثة، هي من ترسم ملامح المعركة.
فالدرونز الاستطلاعية توفر قدرات استخباراتية فورية وتفوقاً في جمع المعلومات عن تحركات العدو.
والدرونز الهجومية والانتحارية تُمكن من تنفيذ ضربات دقيقة وفعّالة بتكلفة منخفضة، وتجنب المخاطر البشرية.
والذكاء الاصطناعي يساهم في تحليل البيانات وتوجيه العمليات بشكل أكثر كفاءة.
إن هذه الأدوات لم تعد ترفاً عسكرياً، بل أصبحت ضرورة استراتيجية للجيوش التي تسعى للحفاظ على قدراتها في المستقبل.
ولذلك، فإن دراسة تجربة الحرب الروسية الأوكرانية تُعدّ بمثابة خطوة أولى وحاسمة لقادة الجيش السوداني لفهم طبيعة التحديات المقبلة.
إن الأداء العسكري التقليدي الذي يعتمد على القتال المباشر، يضع السودان في وضع استراتيجي هش ويجعله عرضة بسهولة للغزو أو التدخل من قبل قوى خارجية تمتلك تفوقاً تقنياً كبيراً.
إن الحقيقة الماثلة هي أن القوى الكبرى لا تحتاج إلى جيوش برية ضخمة لاحتلال دولة ما، بل يمكنها تحقيق الهيمنة من خلال التفوق الجوي والتقني الذي يُشلّ قدرات الدفاع التقليدية.
لذلك يجب على قيادة الجيش السوداني الانتقال من عقلية القتال اليدوي إلى عقلية الحرب الحديثة.
هذا التحول لا يقتصر على شراء الطائرات المسيرة فحسب، بل يتطلب إعادة هيكلة شاملة للقيادة والعقيدة العسكرية، وتدريب الأفراد على التكنولوجيا الحديثة وتخصيص الموارد لبناء قوة عسكرية مرنة وفعّالة قادرة على حماية السيادة الوطنية في عالم يتغير بسرعة.
إن التحول المطلوب ليس مسألة خيار، بل هو ضرورة حتمية لضمان المستقبل وحماية الدولة وشعبها من الطامعين.
المستشار/ محمد السر مساعد
[ad_2]
Source


