كتبت أ. #رشا_عوض : السلاح الكيميائي امر يخصنا جدا كمواطنين!
يجب ان تدرج على اولويات المجتمع المدني السوداني قضية استخدام السلاح الكيميائي في هذه الحرب ، انها قضية حياة او موت لاجيال حاضرة واخرى قادمة، اولا من حقنا ان نعلم: هل استخدم هذا السلاح فعلا؟ قرائن احوال كثيرة اكدت ذلك وجهات دولية رجحت ذلك والجيش يرفض اجراء تحقيق دولي مهني مستقل يكشف ما جرى بصورة علمية لا لبس فيها، ثانيا من حقنا ان نعلم ماهو نوع السلاح الذي استخدم؟ وما هي اضراره وماهي المناطق التي استخدم فيها، ثالثا ما هي الطريقة العلمية للتخلص من الاثار الضارة بصحة المواطنين من هذا السلاح الفتاك وما هي الخبرات العلمية المطلوبة وماهي تكلفة ذلك ماديا ؟
حتى المؤيدين للجيش يجب ان لا يتعاملوا مع هذه القضية كهجوم سياسي على الجيش وان واجبهم هو الانكار والدفاع المستميت والهجوم بطريقة غوغائية على كل من يثير هذه القضية ، هذه قضية حياة او موت للمواطنين في بلد منكوب ونظامه الصحي منهار ، تسييس هذا النوع من القضايا جريمة ودليل استخفاف بحياة الناس وكأنها في حد ذاتها لا تعني شيئا.
يوما بعد يوم يتأكد لنا حاجة البلاد لجماعات ضغط فاعلة ومؤثرة وقادرة على جمع المعلومات بشكل احترافي ودقيق تلعب دور ” محامي المواطن” ضد الانتهاكات الكبرى في حقه ولا سيما تلك التي تهدد حياته، وهذا لا يقتصر على قضية السلاح الكيميائي ، فالمواطن السوداني يستهلك مياه ملوثة فالسودان من ادنى الدول درجة في توفير الماء الصالح للشرب ، ومن اكثر الدول عدوانا على البيئة الطبيعية وتلويث التربة بمخلفات التعدين ، اما المدن والحواضر المكتظة بالعمارات واهلها مسرورون بما يسمونه نهضة عمرانية فهم غافلون ! لان المدن تتوسع في بناء العمارات في غياب تام لشبكات الصرف الصحي! مما يعني ان هذه العمارات اكبر ملوث للمياه الجوفية عبر نظام ” السايفونات” التي تضخ المياه القذرة الى آلاف الآبار المحفور داخل المنازل! وهذه كانت احد المشاكل التي يناقشها المهتمون بالبيئة قبل الحرب ، اما بعد الحرب فاستجدت مشكلة التخلص من الجثث برميها داخل هذه الابار!! ومن قضايا التلوث والعدوان على صحة المواطن التي كنا نناقشها قبل الحرب مواقع المصانع في قلب الاحياء السكنية لزيادة ارباح اصحابها عبر تخفيض تكلفة نقل العمال والمواد الخام وتكلفة التوزيع على حساب معاناة السكان من الاضرار الصحية المترتبة على استنشاق مخلفات هذه المصانع! فهل بعد هذه الحرب ستتم اعادة بناء وتشغيل المصانع في ذات الاماكن؟ رأيت مشهدا لتهليل وتكبير امام احد هذه المصانع وحشد من المواطنين الفرحين باقتراب تشغيل المصنع الذي يتوسط مساكنهم! بدلا من انتهاز الفرصة والمطالبة بنقله بعيدا عنهم! انها ذات حشود الفرح المصنوع بالعودة الى مدن ملوثة بالجثث المتحللة وبالمواد المتفجرة ، ومنازل منهوبة ومشوهة مدفونة بالغبار واحيانا مدمرة كليا او جزئيا والطامة الكبرى هي كارثة السلاح الكيميائي التي وضعت في سياق الصراع السياسي بين طرفي الحرب !! وعي المواطنين بحقوقهم يجب ان ينقل هذه القضية وغيرها الى ميدانها الطبيعي! ميدان حقوق المواطن في ان يعلم حقيقة ما جرى في مكان سكنه ومشروعية مطالبته بالحماية من اثار ما جرى!
ولكن ماذا نفعل مع العصابات المتخصصة في توفير ” ضنب ككو” لكل مواطن! يمسك به ويتقافز في حلبة رقصة الغفلة الجماعية ثم يتقدم باسمى ايات الشكر والعرفان للذين اشعلوا الحرب التي ارعبته وافقرته واخرجته ذليلا من بيته !! يشكرهم على ماذا؟ على العودة الى بيته المسروق المنهوب بالكامل! واحيانا الى انقاض بيته الذي تدمر ! والى مدينته الغارقة في القاذورات والظلام والعطش حيث لا ماء ولا كهرباء!! والغارقة في الاوبئة الفتاكة وشبح التلوث الكيميائي المتربص بمن لم يولدوا بعد من السودانيين!
Source