[ad_1]
#الكاهن
قد يبدو من المتناقض أن تتعلق الشعوب بزعمائها، حتى وإن كانوا هم السبب وراء المصائب والدمار، هذا الواقع ليس فريداً من نوعه، فقد عاشته العديد من الأمم على مر التاريخ ولا يزال حاضراً في دول مختلفة، والسودان ليس استثناءً.
في لحظات الأزمات واليأس يبحث الإنسان عن أمل عن منقذ، يجد الكثيرون هذا الأمل في شخصية القائد أو الزعيم، فيُصور الإعلام الموالي والمحيطون به هذه الشخصية على أنها قوية وحكيمة وقادرة على حل كل المشاكل.
يتشرب الناس هذه الصورة ويُغذونها بأحلامهم وطموحاتهم فيتحول الزعيم في وعيهم من مجرد قائد إلى رمز للخلاص ويصبح أي نقد موجه إليه بمثابة خيانة للوطن وأي فشل يُنسب إلى مؤامرات خارجية أو أعداء داخليين، وليس إلى سوء إدارته أو قراراته الخاطئة.
عندما يصل المجتمع إلى مرحلة التعلق الأعمى بالزعيم، فإنه يفقد بوصلته النقدية، فتتوقف العقول عن التفكير المنطقي وتُصبح العاطفة هي المحرك الرئيسي، فيتم تبرير كل خطأ ويُغض الطرف عن كل فساد وتُقدم التضحيات البشرية والاقتصادية على مذبح “المصلحة العليا” التي يحددها الزعيم، هذا المسار يؤدي حتماً إلى فناء الدولة.
فالدول لا تنهار فجأة بل تتآكل من الداخل ببطء وينهار الاقتصاد ويتفتت النسيج الاجتماعي وتُصبح الأمة ضعيفة هشة، وعاجزة عن مواجهة أي تحدٍ حقيقي.
رسالتي إلى المغيبون والذين يعتقدون أن زعيمهم “الكاهن” هو المخلص؟
إن الولاء للوطن وليس للأفراد فالأوطان باقية، بينما الأفراد زائلون، حب الوطن الحقيقي لا يكون بعبادة شخص، بل ببناء مؤسسات قوية ودعم الحريات ومحاسبة كل من يخطئ، بغض النظر عن منصبه.
إن التاريخ لا يرحم وهو مليء بقصص الزعماء الذين وصفوا بالمنقذين، لتنتهي فصولهم بالدمار والموت، على المغيبين من جماعة (الكاهن) أن يفتحوا أعينهم على هذه الحقائق، ويستمعوا إلى صوت العقل.
لا يمكن بناء مستقبل مشرق بالعمى فالخلاص يبدأ بالوعي، والوعي يبدأ بالأسئلة.
اسألوا: لماذا تطويل أمد المعركة؟
لماذا لا نرى هبة مجتمعية ضخمة لهزيمة التمرد بقيادة الدولة ؟
هل حقاً الجيش وكل القوات المساندة له عاجزون على تحرير كردفان ودارفور؟
ما السبب الذي يجعل هزيمة أي قوات متمردة ممكناً وفي وقت قصير أبان حكم البشير والمؤتمر الوطني، ونشاهد جميعاً صعوبة يبدوأ مبالغ فيها في هزيمة التمرد أبان حكم البرهان ومجموعته العسكرية والأمنية التي معه والتي تقود الدولة؟
الوطنية الحقيقية ليست تبعية عمياء أو طاعة صامتة، بل هي شجاعة المواجهة والنقد البنّاء، فعندما يتجنب الشعب نقد تقصير قيادته ويتحول إلى مجرد مصفق، محارباً كل صوت حر، فإنه لا يُنقذ وطنه، بل يدفعه دفعاً نحو الهاوية.
فالولاء للوطن يتطلب وعياً ومحاسبة، لا خضوعاً أعمى أو صمتاً على الأخطاء.
المستشار/ محمد السر مساعد
[ad_2]
Source


