[ad_1]
العلمانية…// حياد زائف وعداء صريح للدين
بقلم…// لام دينق نوت شول
من أكثر الأوهام التي يُسوَّق لها في الساحة الفكرية والسياسية أن العلمانية مجرّد حياد، أو أنها إطار للتعايش بين الملل والنِّحل، لا تنتصر لدين ولا تعادي عقيدة. غير أنّ من يقرأ جذور الفكرة وتاريخها، ويستبصر بتجاربها، يدرك أنّ هذا الخطاب ليس إلا تجميلًا لمشروع وُلد من رحم الخصومة مع الدين، ونما على إقصائه ومحاربته.
العلمانية لم تُولد في فراغ، بل خرجت من قلب الصراع الدموي بين الكنيسة والفلسفة المتمرّدة في أوروبا. لقد قامت الثورة الفرنسية، وهي مهد العلمانية الحديثة، على اجتثاث سلطة الكنيسة، ثم سعت إلى طرد الدين من المدرسة والقضاء والسياسة. لم يكن الهدف إذًا مجرد الفصل الإداري بين الكنيسة والدولة، بل إقصاء المقدس عن الحياة العامة برمتها. ومنذ ذلك اليوم، تحولت العلمانية إلى فلسفة ترى أن العقل البشري وحده هو المرجع، وأن الوحي لا يصلح أن يكون أساسًا لتشريع أو نظام حياة.
يُروَّج في بلاد المسلمين أن العلمانية إنما تعني الحياد، وأنها لا تنتقص من الدين شيئًا. ولكن التجربة الغربية نفسها تنطق بعكس ذلك: ففي فرنسا، مُنع رفع الرموز الدينية في المؤسسات العامة، وحوربت الصلاة في المدارس، بل صار ذكر الله في فضاء التعليم جريمة تأديبية. فهل هذا حياد؟ أم هو تجفيف متعمد لمنابع التدين في الفضاء العام؟!
إذا كان الدين المسيحي الذي لا يدّعي شمولية التشريع قد تعرّض لكل هذا العداء، فكيف بالإسلام الذي يقوم على مبدأ “إن الحكم إلا لله” ويرى أن الشريعة مرجع في كل شأن؟ كيف يُقال بعد ذلك إن العلمانية ليست ضد الإسلام، وإنها يمكن أن تتعايش معه؟ إنّ الجمع بين الإسلام والعلمانية كالجمع بين الماء والنار، أو بين الحق والباطل؛ لا يلتقيان إلا ليتنافران.
ومن اللافت أن بعض دعاة العلمانية يلجأون إلى تسخيف المخالفين واتهامهم بالجهل أو التضليل، وكأنّ الشعب المسلم بمجمله ضحية دعايات. والحقيقة أن رفض الجماهير لمشروع العلمانية ليس عاطفة عابرة، بل وعي فطري يرى في هذه الفلسفة اعتداءً على صميم هويته الدينية، وتجربة مستوردة من بيئة غير بيئته، يراد فرضها عليه بالقوة الناعمة.
وليس الإسلام – كما يُصوَّر ظلمًا – خصمًا للتنوع أو التعايش. بل هو الذي ضمن عبر تاريخه الطويل حرية المعتقد، وترك للنصارى واليهود معابدهم وشرائعهم، في وقت كانت أوروبا تحرق المختلفين في محارق التفتيش. غير أن الإسلام يرفض أن يُختزل إلى شعائر شخصية منزوية، ويأبى أن تُعطَّل شريعته بدعوى “الحرية”. ومن أراد أن ينزع عنه هذا السلطان، فقد أعلن حربًا صريحة على الدين مهما تلثّم بشعار التعايش.
ختاماً 👇
العلمانية، في جوهرها، ليست حيادًا، وإنما عداء صريح متخفٍّ وراء ألف قناع. إنها مشروع لإقصاء الدين من الحياة العامة، وتجفيف منابعه في وجدان الأمة. ومن شاء أن يتبناها فليكن صريحًا مع نفسه ومع الناس: إنها ليست طريقًا للحرية، بل طريقًا لتهميش الدين في أشد خصوصياته. ومن حق الشعوب أن تقول لها: لا.
[ad_2]
Source


