[ad_1]
” الجريدة “ هذا الصباح … تم نهب كابلات الكهرباء بالكامل، مما جعل الإمداد الكهربائي معدوماً، فيما يجري توفير المياه بوسائل بديلة عبر التناكر. يمكن القول إن حجم الأضرار بالغ وخطير على سير العملية التعليمية ولا تتوفر دورات مياه، فضلاً عن غياب التهيئة الأساسية للقاعات
رئيس لجنة الحصر والتقييم بكلية النفط والمعادن – جامعة النيلين، الأستاذ وليد عباس عبد الجبار لـ”الجريدة”:
العودة حالياً صعبة للغاية سواء بالنسبة للطلاب أو الأساتذة.
حجم الأضرار بالغ وخطير على سير العملية التعليمية.
تدمير المباني وتعطيل عدد من الأجهزة والمعدات البحثية.
فقدان عدد كبير من المراجع والمصادر الأساسية.
البحث العلمي متوقف تماماً والتقييم “صفر”.
التقديرات الأولية تشير إلى خسائر تقارب 400 ألف دولار.
بعد أن كانت القاعات تضج بأصوات الطلاب والأساتذة، وتنبض أروقة الجامعات بالحياة، خيّم الصمت على مبانٍ تحوّلت إلى أطلال بعد الحرب. الجامعات، شأنها شأن بقية المؤسسات، لم تسلم من الدمار؛ إذ أصابت القذائف بعض الكليات مباشرة، فدُمِّرت معامل دراسية وأُتلفت أجهزة بحثية باهظة الثمن، كما ضاع عدد كبير من المراجع التي كانت عصب التحصيل العلمي للطلاب.
غير أن الخسائر لم تقتصر على الحجر والكتب، بل امتدت إلى البشر؛ طلاب قضوا أعوامهم بين القاعات والمكتبات أصبحوا مشرّدين بين المدن والقرى، بعضهم نزح إلى معسكرات مؤقتة، وآخرون لجأوا إلى دول الجوار. أما الخدمات التي كانت تشكّل عماد الحياة الأكاديمية فقد انهارت بالكامل: كابلات كهرباء منهوبة، مياه لا تصل إلا عبر التناكر، وبيئة جامعية افتقدت أبسط مقومات الاستقرار.
اليوم يقف ملايين الطلاب على عتبة المجهول، يترقبون بارقة أمل في عودة قريبة لحياتهم التعليمية، فيما يواجه أساتذتهم واقعاً أشد قسوة من نزوح وتشريد وفقدان لممتلكاتهم. ومع تراكم الخسائر المادية والبشرية، تبدو إعادة تأهيل الجامعات مهمة شاقة تتطلب موارد هائلة وتكاتفاً محلياً ودولياً.
ومن بين الجامعات المتضررة، تبرز جامعة النيلين، التي أجرت معها “الجريدة” هذا الحوار مع رئيس لجنة الحصر والتقييم بكلية النفط والمعادن، الأستاذ وليد عباس عبد الجبار، للوقوف على حجم الأضرار وخطط إعادة الإعمار فإلى مضابط الحوار :
حاورته: فدوى خزرجي
* بدايةً، حدثنا عن اللجنة التي تم تكوينها لإعادة إعمار الكلية، وكيف جرى توزيع مهامها؟
_نعم، قمنا بتشكيل لجنة خاصة لإعادة إعمار الكلية، وحرصنا على أن تكون مهامها موزعة بوضوح عبر أربعة أقسام: لجنة للتقييم والحصر تُعنى برصد حجم الأضرار بدقة، وأخرى مخصّصة للتواصل الخارجي وجلب الدعم وتشمل شركاء محتملين من وزارة المعادن والشركة السودانية للموارد المعدنية، إلى جانب شركات كبرى في قطاعي التعدين والبترول. كما نركز على توفير المعامل والأجهزة الأساسية وتأمين المياه اللازمة للعمل الحقلي، باعتبارها متطلبات حيوية لعودة العملية التعليمية والبحثية إلى مسارها الطبيعي. وهناك أيضاً لجنة للتأسيس والتطوير، وأخرى للإعلام.
*متى قمتم بزيارة الجامعة أول مرة بعد الأحداث، وكيف كانت الصورة الأولية التي رصدتموها؟
_كانت زيارتنا الأولى عقب عيد الفطر الماضي بعد الحصول على تصاريح خاصة لدخول الخرطوم. وهناك صُدمنا بحجم الدمار الذي طال معظم الكليات. لم نتوقف عند الصدمة، فسارعنا لإنشاء مركز امتحانات بالكليات الاقتصادية مكّن أكثر من ألف طالب من أداء امتحانات يوليو وأغسطس بنجاح، لكنه لم يُغنِ عن غياب الدراسة المنتظمة التي ما زالت معلّقة. أما الخدمات الأساسية فهي شبه منهارة؛ فالمياه تُنقل بالتناكر وأعمال النظافة تتم بجهود فردية.
* كيف تقيّمون حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمعامل والمكتبات، وما انعكاسها على العملية التعليمية؟
_على صعيد البنية التحتية، فقد تضررت القاعات الدراسية ومكاتب الأساتذة والإداريين بشكل ملحوظ، بينما تعرضت الخدمات الأساسية لدمار بالغ؛ إذ تم نهب كابلات الكهرباء بالكامل، مما جعل الإمداد الكهربائي معدوماً، فيما يجري توفير المياه بوسائل بديلة عبر التناكر. يمكن القول إن حجم الأضرار بالغ وخطير على سير العملية التعليمية. فقد سقطت دانة داخل مباني كلية الإحصاء، ما أدى إلى تدمير كامل لثلاثة معامل رئيسية وقاعة الدراسات العليا، شملت معمل الحاسوب ومعمل المجاهر (الميكروسكوبات) إلى جانب القاعة المخصصة لطلاب الدراسات العليا. الأضرار طالت كذلك القطاعات الأكثر حساسية، وفي مقدمتها المعامل العلمية التي فقدت أجهزة دقيقة وباهظة الثمن خرج معظمها عن الخدمة، ما شكّل خسارة فادحة للطلاب والباحثين. أما المكتبات فقد فقدت عدداً كبيراً من المراجع والمصادر الأساسية، وهو ما ضاعف من معاناة الطلاب في تحصيلهم العلمي.
هذه الخسائر مجتمعة تجعل من الضروري أن تتبنى الجهات المعنية والمانحون دعماً عاجلاً، سواء في إعادة تأهيل المباني أو توفير الأجهزة والمعينات الأكاديمية، حتى تتمكن الكلية من استعادة دورها في التدريس والبحث العلمي.
* ما نوع الدعم الذي تحتاجه الجامعة من المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني؟
_ما نحتاجه اليوم ليس دعماً مالياً بقدر ما هو تجهيزات ومعينات تعليمية. فكلية النفط والمعادن، على سبيل المثال، تعاني من انعدام الأجهزة والمعامل الضرورية لتدريب الطلاب وتأهيلهم عملياً. الجامعة تبذل جهداً كبيراً في طرق أبواب المنظمات والشركات لتوفير هذا الدعم. بالفعل، سجلت بعض المنظمات زيارات للجامعة لتقييم الوضع، لكننا ما زلنا ننتظر خطوات عملية.
* حسب التقييم والحصر الأولي، هل هناك تقدير مالي واضح للخسائر، وما حجم التمويل المطلوب لإعادة الإعمار والتأهيل؟
_ التقديرات الأولية تشير إلى خسائر تقارب 400 ألف دولار، تشمل تدمير المباني التعليمية وتعطل عدد من الأجهزة والمعدات البحثية. ومع ذلك، هذه الأرقام لا تعكس الصورة الكاملة بعد، إذ لا تزال هناك معامل لم نستطع الدخول إليها حتى الآن بسبب الركام والدمار، ما يعني أن حجم الخسائر الفعلي قد يكون أكبر بكثير.
*ما الإجراءات المتبعة لضمان سلامة الطلاب والعاملين عند العودة التدريجية؟
_في الحقيقة، الحديث عن إجراءات السلامة يظل سابقاً لأوانه، إذ لم يبدأ الطلاب بعد في العودة الفعلية إلى الحرم الجامعي. التحدي الأكبر حالياً لا يرتبط بالجانب الأمني فقط، بل بالبنية التحتية المتهالكة بعد الحرب؛ فالكهرباء شبه معدومة نتيجة نهب الكابلات، ولا تتوفر دورات مياه أو مصادر مياه شرب، فضلاً عن غياب التهيئة الأساسية للقاعات. حتى مراكز الامتحانات التي أُقيمت مؤقتاً احتاج تجهيزها إلى أكثر من شهرين، ومع ذلك لم تتجاوز جاهزيتها 30% من طاقتها الطبيعية قبل الحرب. ورغم هذه الصعوبات، أنجزنا تقدماً ملحوظاً في أعمال النظافة، ونتوقع الانتهاء منها بنهاية هذا الأسبوع، لتكون خطوة أولية نحو تهيئة بيئة أكثر أماناً وملاءمة عند التفكير في العودة التدريجية للطلاب والعاملين.
* ما هي الرؤية المستقبلية للجامعة على المدى الطويل، خاصة فيما يتعلق باستعادة دورها الأكاديمي والإقليمي؟
_ تركز خطتنا المقبلة على إعادة تهيئة القاعات والمعامل بما يتيح عودة الدفعات الجديدة تدريجياً إلى الحرم الجامعي، مع إعطاء الأولوية للمباني والخدمات الأساسية الأكثر حيوية. وقد بدأت الجامعة بالفعل بخطوات عملية، على رأسها كلية الاقتصاد، لتكون نقطة انطلاق لعودة النشاط الأكاديمي.
أما الجانب العملي، وخاصة في تخصص الجيولوجيا، فيمثل تحدياً أساسياً بعد توقف التدريب الحقلي الذي كان يمتد لعدة أشهر خلال سنوات الدراسة. هذا التوقف أدى إلى فجوة كبيرة لدى الطلاب، خصوصاً طلاب التخرج، مما يجعل التعاون مع وزارة المعادن والجامعات ذات التخصص المشابه أمراً ضرورياً لسد هذا النقص واستكمال الجانب التطبيقي.
وعلى المدى البعيد، تسعى الجامعة إلى استعادة مكانتها الأكاديمية والإقليمية عبر إعادة إعمار معاملها ومكتباتها، وتعزيز شراكاتها مع المنظمات والمجتمع المدني، بما يعيد للحياة الجامعية حيويتها ويؤكد دورها البحثي والتعليمي في السودان والمنطقة.
*ختامًا، هل ستستمر مراكز الامتحانات بالخارج، خاصة في ظل احتجاج بعض أولياء الأمور على عودة الطلاب في هذه الظروف؟ وما هو ردكم على هذه المخاوف؟
_ حتى الآن ما زالت مراكز الامتحانات بالخارج قائمة، لكن وزير التعليم العالي كان قد صرّح في وقت سابق بأنها ستكون داخلية، ونحن بانتظار التأكد من الموقف النهائي. لا ننكر أن العودة حالياً صعبة للغاية سواء بالنسبة للطلاب أو الأساتذة، فتكاليف المعيشة والمواصلات تشكّل عبئاً كبيراً على الجميع، إضافة إلى التحديات الأمنية واللوجستية. ومع ذلك، نأمل أن تسمح الظروف خلال العام القادم بانتظام الدراسة داخل الحرم الجامعي، ونؤكد أن الجامعة تعمل بجد لمواجهة هذه التحديات وتوفير بيئة آمنة ومناسبة للطلاب.
الجريدة
وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ
#شبكة_رصد_السودان
[ad_2]
Source


