[ad_1]
فالقوى المنضوية تحت لواء “تقدم” ترى أن الحرب قد أشعلها الإسلاميون وسدنة نظام الإنقاذ بغرضٍ القضاء على ثورة ديسمبر وقوى الثورة الديمقراطية والمدنية، فوقعوا على إعلانٍ للمباديء مع مليشيا الدعم السربع بعد أن أعلن قائدها وقوفه مع التحول الديمقراطي واعتذاره عن انقلاب 25 أكتوبر. أما الإسلاميون فهدفهم هو إقصاء “تقدم” تماماً من أي عملية سياسية، بل ومنع قياداتهم من دخول البلاد، بالتزامن مع تدمير قوات الدعم السربع ورفض التفاوض نهائياً مع المليشيا.
خاتمة
حاولت في هذه المداخلة أن أُجيب على سؤال رئيس تطرحه الورشة عن ماهية وتعريف مفهوم القوى “الوطنية”، والذي لم يرِد ضمن المحاور المطروحة للنقاش بالبرغمِ من ذِكرِ مصطلح “القوى الوطنية” أكثر من أربعة عشر مرة في كٌتيب الورشة، إلاّ أنّ تعريف هذه القوى وتحديد أطرافها قد تُرك للمداولات المُرتقبة.
فبينما توحدت القوى السياسية في إطار الحركة الوطنية لمناهضة الحكم الاستعماري، ظلت الانشقاقات والانقسامات السياسية مُلازمة لتطور الصراع بين هذه القوى على سلطة الدولة الوطنية بعد استقلال البلاد وإلى يومنا هذا. وبِحُكم الخلفيات والقواعد الاجتماعية والتوجهات الإيديولوجية لهذه القوى أخذ هذا الصراع طابعاً استقطابياً ثنائياً تحت توصيفات “ذاتية” (نحنُ)، كلٌ يُعرفُ نفسه في مقابل الآخر: قوى تقليدية ضد قوى حديثة، قوى الهامش ضد قوى المركز، وقوى وطنية ضد قوى مدنية ديمقراطية. فمصطلح “الوطنية” أصبغته القوى الإسلامية، في تحالفها مع ما توصف بالقوى التقليدية، منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، إلى الوقت الراهن الذي تواجه فيه الحركة الإسلامية تحدياً رئيساً لمستقبلها السياسي وتسعى للتحالف مع قوى تقف معها ضد القوى الديمقراطية المدنية.
وعلى هذه الخلفية، فهل حقيقةً هناك قوى وطنية وقوي غير وطنية؟ وما هي معايير التمييز؟ فتعريفِ المفهوم أو المصطلح من الأهمية بمكانٍ حتى يكون المعنى المقصود واضحاً للآخرين، بِحيثُ لا يعني أشياءاً مُختلفةً لأشخاصٍ مُختلفين، مما قد يقود إلى سؤ الفهم. ففي هذا السياق، هل الدعوة إلى وحدّة القوى الوطنية تستهدِفُ التيارات والمجموعات الإسلامية المتبارية بهدفِ جمعها في كُتلةٍ سياسيةٍ تنضمُ إليها مكوناتٌ بعينها؟ لا شكّ، أنّ تشكيلَ التحالفات السياسية خطوةٌ إيجابيةٌ تُحقق قدراً من التوافق تحتاجه البلاد في ظل حربٍ مُشتعلةٍ وتشظيٍ سياسي وانشطار مُجتمعي غير مسبوقين. ولكن، ما الهدف من هذا المسعى؟ هل هو التكتل في وجه ومواجهة القوى الديمقراطية والمدنية المُضادة بغرض إقصائها من العملية السياسية لما بعد الحرب تشفياً من دعوة هذه القوى لاستبعاد لإسلاميين وحلفائهم؟ إنّ الإقصاء والإقصاء المضاد بين القوى الوطنية والقوى المدنية والديمقراطية لعبة صفرية لن يكسب فيها الوطن إلاّ الخسران المُبين، فإذا كُنا لا نقبل إقصاء الإسلاميين، إلاّ من أجرم وأفسد، فإنّه لا يجوز صبغ صفة الخيانة والعمالة للخارج على القوى المدنية الديمقراطية بدون أدلة وبراهين والمطالبة بالمحاسبة وفقاً لحكم القانون.
ففي رأيي، أنّ التكتلات السياسية تكون أكثر جدوى في إطار المنافسة الحزبية للتداول السلمي للسلطة بعد إرساء قواعد نظام ديمقراطي يحدده الدستور الدائم للبلاد، ولكن الآن في ظلِ حربٍ مُستعرة ضاعفت حِدة الإنقسامات والإستقطابات السياسية، ينبغي أن يتجاوز الصراع بين القوى السياسية مرحلة التناقض والاستقطاب، وأن تسمو هذه القوى فوق حسابات السياسة وصراعات السلطة. فالمطلوب هو السعي الجاد نحو خلقِ شرعية “توافقية” من خلال عملية سياسية تأسيسية يُشارك فيها الجميع، لنقل البلاد إلى تحولٍ ديمقراطيٍ حقيقي، وأن يكون الهدف الرئيس من وحدّة القوى الوطنية هو تأسيس الدولة والمحافظة على بقائها وليس التطلُعِ إلى الحكم عبر خلق التكتلات السياسية المُضادة.
“الوطنية” هي القاسم المُشترك لكل القوى السياسية والمجتمعية السودانية، وعلى هذه القوى أن تستدعي الوحدّةَ التي قامت عليها الحركة الوطنية لمناهضة الحكم الاستعماري، وتتداعى هذه المرة لإنهاء الحرب بهدفِ تأسيس الدولة الوطنية التى ظلت تشوبها شروخ عميقة تهدد وجودها منذ نيل البلاد لاستقلالها في 1956.
[ad_2]
Source by حركة المستقبل للإصلاح والتنمية – السودان
فالقوى المنضوية تحت لواء “تقدم” ترى أن الحرب قد أشعلها الإسلاميون وسدنة نظام الإ…
Leave a Comment


