[ad_1]
الجنرال في المتاهة: إبراهيم الحوري والرقص على الحبال مع أحمد طه
بقلم: #غزالي_آدم_موسى
في عالم السياسة السودانية، حيث يصبح كل لقاء تلفزيوني فرصة لعرض القوة أو الهيبة، ظهر العقيد إبراهيم الحوري، المطرود من القوات المسلحة بأوامر مستشار الرئيس الأمريكي، في لقاءه مع الإعلامي أحمد طه على قناة الجزيرة مباشر، وكأنه دخل متاهة بلا خريطة. الرجل الذي قضى عمره بين الصحافة العسكرية والقيادة، بدا وكأنه صعد على المسرح ليؤدي دور لم يدرّب عليه أحد، دور تلميذ بليد يُرغم على الوقوف أمام الجمهور وأداء مشهد لم يقرأ نصّه.
الإعلامي أحمد طه، بخفة دمّه ودهائه، استغل كل فرصة ليضع الحوري في مواجهة مباشرة مع عجزه. كل سؤال بريء بدا وكأنه فخ، وكل تلميح ساخر وكأنه “نقلة كشك ملك” في مباراة شطرنج تُحرّك على الرقعة لتكشف مكان ضعف الخصم. وهنا، يصبح اللقاء أشبه بمباراة بين بطل العالم فيشر ولاعب مبتدئ: الحوري يحاول التحرك، لكنه دائمًا خطوة متأخرة، بينما أحمد طه يسيطر على الرقعة، يبتسم، ويترك الجنرال يبحث عن مخرج بلا جدوى.
الطريف أن الحوري حاول مرارًا أن يستعيد زمام الأمور، لكنه لم يكن سوى جندي متردد أمام ساحر الحوار. كل محاولة لشرح موقف أو تحليل قضية انتهت إلى صمت طويل أو حركات ملتوية بالكلمات، كما لو كان يحاول تهريب نفسه من مأزق وضعه فيه المزبع، دون أن يدرك أن كل خطوة محسوبة مسبقًا.
اللقاء بأكمله كشف شيئًا واضحًا: لا يكفي أن تكون جنرالًا أو قائدًا سابقًا لتعرف كيف تتعامل مع الحوار، ولا يكفي أن تمتلك خبرة عسكرية لتحصل على هيبة في الاستوديو. أحيانًا، المواجهة مع شخص يعرف كيف يصنع السخرية، وكيف يحول كل كلمة إلى اختبار ذكاء، تكفي لتحويل لقاء جاد إلى درس في العجز والارتباك.
في النهاية، الحوري خرج من اللقاء بلا أضرار جسدية، لكنه بدا كما لو أنه فقد السيطرة على النص والحدث معًا. سخرية أحمد طه لم تكن مجرد تسلية، بل أداة كشفت أن الجنرال المتقاعد، مهما علا صوته أو عظمت خبرته، يمكن أن يصبح تلميذًا مبتدئًا على رقعة شطرنج يفهمها خصمه أفضل منه.
الدرس البسيط؟ بعض اللقاءات التلفزيونية تكشف أكثر من التحليلات الرسمية، وتثبت أن القدرة على الحوار وفهم اللعبة أهم من الرتبة العسكرية أو الاسم الكبير على لوحة الشرف. والحقيقة المرة التي تركها اللقاء للأذهان: أحيانًا، الصعود على المسرح دون استعداد يشبه دخول متاهة لا مخرج لها.
[ad_2]
Source


