[ad_1]
كرة القدم التي أوقفت الحرب: الدلالة السياسية لتجربة ساحل العاج
شكّل المنتخب الوطني لساحل العاج، بقيادة ديدييه دروغبا، نموذجًا فريدًا لكيفية تحوّل الرياضة إلى أداة للتسوية الاجتماعية وبناء الوحدة الوطنية في لحظة انقسام داخلي عميق. ففي خضم الحرب الأهلية (2002–2007) التي مزّقت البلاد على أسس سياسية وعرقية ودينية، جاء تأهل المنتخب الإيفواري إلى نهائيات كأس العالم 2006 ليشكّل حدثًا مفصليًا، لم يقتصر أثره على المجال الرياضي فحسب، بل امتد ليحمل دلالات سياسية ورمزية بالغة العمق.
عقب مباراة التأهل ضد السودان، وجّه لاعبو المنتخب، في مشهد متلفز تاريخي، نداءً مباشرًا إلى الشعب الإيفواري. تقدّم دروغبا بالكلمة، محاطًا بزملائه الذين ينحدرون من شتى الأقاليم والخلفيات الدينية والعرقية، ليُعلنوا معًا رسالة تتجاوز الانتماءات الضيقة وتُجسّد وحدة وطنية مرئية. وجاءت كلمات دروغبا معبّرة عن هذا البعد:
“رجال ونساء كوت ديفوار… من الشمال، الجنوب، الشرق والغرب، لقد أثبتنا اليوم أن كل الإيفواريين يمكن أن يتعايشوا معًا ويلعبوا من أجل هدف واحد. نرجوكم، ضعوا أسلحتكم، سامحوا بعضكم البعض. لا يوجد بلد يستحق الموت من أجله. نريد أن نلعب كأس العالم في جو من الفرح والسلام.”
هذا الخطاب – الذي عُرف لاحقًا في الأدبيات الإعلامية والسياسية بـ”خطاب كرة القدم الذي أوقف الحرب” – حمل أثرًا استثنائيًا؛ إذ ساهم في خلق مناخ نفسي واجتماعي مهّد لوقف إطلاق نار جزئي، وفتح أفقًا جديدًا أمام مسار المصالحة الوطنية. كما تجلّت قوته الرمزية لاحقًا حين نجح المنتخب في نقل إحدى مبارياته الرسمية إلى مدينة بوكيه (معقل المتمرّدين)، ما عكس تحوّل كرة القدم إلى مجال عام محايد، قادر على جمع مختلف الفئات المتنازعة في فضاء احتفالي مشترك.
وعليه، يمكن القول إن المنتخب الإيفواري جسّد، من خلال هذا الموقف، مثالًا بارزًا على قدرة الرموز الرياضية على تجاوز الانقسامات السياسية والعرقية، وإعادة إنتاج الهوية الوطنية في صيغة جامعة، تتقدّم على الولاءات الجزئية، وتُرسّخ فكرة أن الرياضة ليست مجرد منافسة بدنية، بل قد تكون فعلًا سياسيًا بامتياز.
[ad_2]
Source


